قبل عدة أسابيع في لندن دخلت محل «Hamleys» الشهير لبيع لعب الأطفال، وما شد انتباهي وجود قسم لبيع منتجات الطفل «رايان» نجم اليوتيوب. ولمن لا يعرف الطفل «رايان»، فهو أميركي من أصل آسيوي يبلغ من العمر 8 سنوات ولديه قناة يوتيوب يشاهدها الملايين من الأطفال، وبلغت مشاهدات مقاطع الفيديو 1.9 مليار، وما يفعله فقط هو فتح الألعاب، وإبداء رأيه حولها «Unboxing». وقد شاهدت بضعة مقاطع فيديو له مع أبنائي ولم أفهم صراحة لماذا يحصد هذا العدد من المشاهدات؟ لكن يبدو أن ما يفعله يحقق له نجاحا لأنه في 2019 حقق أرباحا تصل إلى 26 مليون دولار.
قصة الطفل رايان بدأت عام 2015 عندما قال لأمه لماذا ليس لي قناة يوتيوب مثل باقي الأطفال؟ رأت والدته أن هناك فرصة لكسب المال من موهبة «رايان» فاستقالت من وظيفتها كمعلمة كيمياء في الثانوية وتفرغت لإدارة حساب اليوتيوب، وتشارك والده بالإدارة وقام بالتعاقد مع شركة تسويق من أجل عمل دعاية لقناة ابنه في اليوتيوب، فلم يكن ذلك جهد الطفل وحده بل إيمان أبويه في موهبة طفلهما وتكاتفهما من أجله.
وأنا اقرأ عن رايان وما حققه خلال 4 سنوات فقط كنت افكر بعدة أسئلة ماذا لو كان «رايان» في الكويت؟ ماذا سيحصل له؟ هل سينجح هذا النجاح الباهر؟
لو كان «رايان» في الكويت لقامت الحكومة بمنع القناة بحجة ان والده يستغله ويقوم بعمل غير قانوني وذلك بأن يصبح ابنه مصدر رزقه وتغلق القناة وتموت أحلام الطفل ويموت مصدر الدخل للعائلة.
لو كان «رايان» في الكويت لتساءل الغالب شلون وافد آسيوي يكسب هذه الكمية من المال والكويتي لأ؟! وتشتغل أسطوانة ان الوافدين يزاحمونا برزقنا وقد ننتظر على والده الزلة بأن يرتكب غلطة في المرور ويتم إبعاده.
لو كان «رايان» في الكويت لتم اتهامه بأن مصدر ثروته غسيل أموال وظهر نصف سكان الكويت بتصوير فيديو يتم بها شرح كيف تتم عملية غسيل الأموال وكيف يتم استغلال الطفل في هذه العملية.
لو كان «رايان» في الكويت لقامت والدته وكسرت الكمبيوتر والموبايل الخاص به بحجة انه لا فائدة منه وان دراسته أهم وهذه التكنولوجيا ستجلب له التوحد.
العالم تغير وسبل كسب المال تغيرت أيضا والطرق التقليدية قد لا تحقق طموحات البعض. ليست هذه دعوة لترك الدراسة والوظيفة الاعتيادية والمغامرة بعالم الإنترنت بل لإظهار جانب نحن لسنا معتادين عليه لأننا اعتدنا ان نسلك حياة متوقعة ومن ينجح خارج هذا الإطار تصبح عليه علامات استفهام كبيرة وتصل إلى الحسد. العالم أصبح مليئا بالفرص ولم يعد هناك عائق للنجاح الا ما يحمله الإنسان من معتقدات في رأسه.
SaqerG@