أثبت وباء كورونا عجز الأسرة الدولية عن مواجهته والتغلب عليه قبل أن يستفحل وينتشر بسرعة إلى دول العالم.
هذه السرعة كما رأينا عجزت الإمكانات الصحية عن مواكبتها وكشفت عن تواضع القدرات البشرية العلمية في احتواء الوباء والقضاء عليه قبل استفحاله، ووضع الوباء العالم أمام خيار فرض حالة الطوارئ الصحية وتطبيق إجراءات العزل الإلزامي ووقف التنقل المحلي والدولي.
ومن جانب آخر، أدخل الوباء العالم في متاهة لملمة تداعياته الاقتصادية التي تسببت في خسائر غير مسبوقة وأدت إلى توقف عجلة الاقتصاد، وبمعنى أدق شلل اقتصادي مفاجئ بدأ يأكل احتياطياته المالية وينغص عليه حياته الطبيعية التي اعتاد عليها.
لعل وعسى وباء كورونا العالمي يدق ناقوس خطر الاحتباس الحراري الذي يهدد حياة البشرية، ويدفع بالمجتمع الدولي والدول الأكثر تلويثا للغلاف الجوي إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لخفض تلوثه بعد انقشاع الوباء وعودة الحياة الطبيعية.
فخطورة الاحتباس الحراري أعظم من وباء كورونا فهو يهدد حياة الكائنات الحية على كوكب الأرض بما فيها الإنسان والحيوان والنبات ومعالجة تلك الظاهرة الكارثية تحتاج إلى عقود طويلة كي تتعافى الكرة الأرضية منها ويعود التوازن البيئي إلى حالته الطبيعية.
ولك أن تتصور حجم المعاناة البشرية من تفاقم الظاهرة من شح في توافر المواد الغذائية مع اتساع رقعة التصحر وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات من ذوبان جليد القطبين واكتساحهما للجزر والشواطئ والمناطق السكنية القريبة منها والتعرض إلى المزيد من تكرار العواصف المدمرة والفيضانات في الوقت الذي لا يجد البشر ملجأ يهربون إليه من هذه المعاناة.
وعادة ما تخرج مظاهرات عارمة خلال مؤتمرات الدول الصناعية الكبرى تكشف عن تنامي الوعي لدى الشعوب بخطورة ظاهرة الاحتباس الحراري على مستقبل البشرية وتثير انتباه زعماء تلك الدول وهي من أكثر الدول تلويثا للغلاف الجوي من أجل معالجة هذا الخلل الطبيعي قبل فوات الأوان وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة كبرى الدول الصناعية التي تحللت في عهد رئيسها ترامب من التزامها باتفاقية باريس 2015 للتخفيف من آثار التغير المناخي على اعتبار أن الاتفاقية كما يراها ترامب تضر بالاقتصاد الأميركي مع أن فيروس كورونا الذي استهان به ترامب في بداية تفشيه أضر كثيرا بالاقتصاد الأميركي وكلفه ضخ عدة تريليونات حتى الآن للحد من انهياره.
ولعله يكون درسا لترامب وباقي زعماء الدول الصناعية الكبرى كي يعملوا بجد على مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري ووضعها فوق جشعهم الاقتصادي.