منذ انتخاب ترامب في العام 2016 والولايات المتحدة تعيش حالة من الانقسام الشعبي والحزبي. فهو شخصية مثيرة للجدل يستخدم أسلوبا استفزازيا لخصومه ويهاجمهم بكل صفاقة ولا يتورع عن احتقار الأقليات من غير البيض كما لو أن المجتمع الأميركي يعيش أيام عبودية السود.
وقد ساعد ذلك في استنهاض المنظمات العنصرية اليمينية التي فقدت بريقها وتعيش حالة من العزلة لتلعب من جديد دور الرجل الأبيض (السوبر) وتصبح من أشد المؤيدين له. وفوق ما يتميز به من عنصرية فإنه متهم بالتورط في عرقلة العدالة والتهرب من توجيه التهم إليه ناهيك عن تهمة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون له بأن تدخل الروس في دعم حملته الانتخابية وتنسيقه معهم كان عاملا حاسما في نجاحه بالرئاسة.
ودائما يتجاهل ترامب الدعوة إلى الوحدة والتماسك الشعبي عند مقتل السود على أيدي رجال الأمن وينحاز إلى الشرطة رغم جرمهم الفاضح. ومع كونه رئيسا لدولة عظمى فإنه شخصية لا تعبأ بالمسؤولية تجاه المحافظة على سلامة البيئة العالمية، حيث انسحب من اتفاقية باريس للحد من الاحتباس الحراري ولم يبادر على وجه السرعة في مكافحة فيروس كورونا من الانتشار وتسببه في زيادة الإصابات في الولايات المتحدة والتي بلغت معدلات عالية مقارنة بالدول الأخرى.
لم يكن من العبث الحزبي أن ينجح مجلس النواب ذو الأغلبية الديموقراطية بالتصويت على طلب عزل ترامب من الرئاسة بسبب عرقلته للعدالة وسوء استغلاله للسلطة وعرقلة عمل الكونغرس رغم معرفة المجلس المسبقة بموقف مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية الرافض لعزله.
لكن من قبيل المسؤولية أمام الشعب الأميركي اتخذ الحزب الديموقراطي تلك الخطوة والتي يبدو واضحا أن الحزب الجمهوري بات راضيا عن الرئيس ترامب رغم كل مساوئه التي تسيء إلى الحزب وإلى الدولة بل وصوت بأكثرية على قبول ترشحه لرئاسة ثانية رغم المطالبة بعزله، وهو أمر يؤكد أن الحزب الجمهوري ذو خلفية عنصرية وأنه يقتات عليها في دعم شعبيته وهو ما يزيد من انقسام الشعب الأميركي ويشجع عدوانية المنظمات اليمينية المتطرفة فيه وتهديدها لسلامة وأمن الأقليات الأميركية من غير البيض.
آخر صرعات الرئيس ترامب هي تصريحه برفض نتائج الاقتراع البريدي في حال فوز منافسه الديموقراطي بايدن واللجوء إلى الطعن بها لدى المحكمة العليا على أساس احتمال تزويرها.
الذي يبدو أن نجاح ترامب في رئاسة ثانية سيكون شؤما على الشعب الأميركي وعلى العالم بما فيه العرب وعلى الطبيعة.