تسببت هزيمة العرب الكبرى أو الكارثة أو النكبة في حرب 67 باحتلال الصهاينة لصحراء سيناء والضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين والصهاينة مستمرون في إقامة مستعمراتهم في الضفة على حساب أصحابها الفلسطينيين. وقد وجد رئيس وزرائهم الصهيوني نتنياهو ضالته في انتهاز الفرصة لإعلان ضمها مع غور الأردن لكيانه للتغطية على اتهام القضاء له بارتكاب جرائم متعددة من رشوة واحتيال وسوء استخدامه للسلطة.
وهذه عادة الساسة الصهاينة، فكلما أرادوا الظهور بمظهر الأبطال أمام الصهاينة اتخذوا من الحروب ضد الفلسطينيين أو قضم أراضيهم شعارا لتلميع صورهم ودغدغة مشاعر قواعدهم الانتخابية وزعاماتهم الحاخامية. ومع ذلك أخفق نتنياهو المطلوب للعدالة في إعلان ضم الضفة الغربية وغور الأردن في الموعد المحدد له في الأول من يوليو وواجه معارضة شديدة من المجتمع الدولي بمن فيه الأوروبيون والأمم المتحدة على أنها تحد للقانون الدولي وحتى إدارة ترامب المتعاطف معه لم تتحمس لفكرة الضم. ومما شجعه على المضي في محاولة الضم هو ما صرح به بأن الفرصة مواتية نظرا لمشاعر الود التي تجمعه مع بعض الأطراف العربية والرغبة في تشكيل تحالف مشترك في مواجهة الخطر الإيراني المشترك.
والمعلوم أن الخطر الإيراني على العرب وليس الصهاينة قائم منذ فترة طويلة، وقد انتشر في سورية بعد العراق بما يسمى بالهلال الشيعي دون أن يتحرك الصهاينة بمواجهته وتشكل بمباركتهم لأنه ساهم في تدمير المدن السورية وتشريد سكانها كما أنه زحف إلى اليمن وتغلغل في بعض الدول الأفريقية، حتى ان دولة مثل أريتريا تستضيف على أراضيها قواعد عسكرية إيرانية جنبا إلى جنب مع أخرى صهيونية. إلى الآن لم تحدث أي مواجهة أو حرب حقيقية بين الصهاينة وإيران رغم الحروب التي شنها الصهاينة على العرب والفلسطينيين مما يؤكد أن المزاعم الصهيونية عن الخطر الإيراني هي مجرد ادعاء غير حقيقي يستغله الصهاينة من أجل خداع العرب وفتح باب جديد للتطبيع معهم.
الخلاصة أن الصهاينة يحاربون إيران بالكلام في الوقت الذي يسرقون فيه الأراضي العربية ويعتبرون الفلسطينيين والعرب المحيطين بهم عدوهم الأول والأخير لكونهم يناضلون من أجل الدفاع عن وجودهم وانتزاع حقوقهم المسلوبة وليس الإيرانيون الذين يتقاسمون معهم سياسة التنكيل بالعرب.