- عندما علمت بتحرير الكويت شعرت بفرحة كبيرة وعدت فوراً إلى الوطن
- العراقيون سرقوا المقتنيات والمجوهرات والتحف واللوحات الفنية النادرة
- رفضت التعاون مع قوات الاحتلال.. واعتقلوا أخي لمدة 20 يوماً
- عملت مع الراحل فيصل القناعي خبازاً بمشرف..وشقيقتي فقدت ولدها
- لم أكن أتخيل مستوى فقر وجهل أفراد الجيش العراقي المحتل لبلادنا
- لن أنسى مشهد الجثث في الشوارع وعايشت استشهاد د.هشام العبيدان
دعاء خطاب
Doua_khattab
«في البداية لم اصدق نبأ الاحتلال العراقي، حين اخبرني به عمي من خارج الكويت، وكانت الساعة الرابعة فجرا فهرعت الى الشارع وتوجهت الى المسرح الشعبي، حيث التقيت هناك بعدد من الزملاء، وكانت طائرات الهيليكوبتر تحلق فوقنا وصوت الرصاص يدوي في كل مكان فلم نقو على التصرف حينها من هول الصدمة»، بهذه الكلمات استذكر المنتج والممثل إبراهيم الحربي أيام الاحتلال العراقي الغاشم للكويت.
وسرد الحربي في لقاء مع «الأنباء» ذكريات أليمة ومشاهد لن تمحى من الذاكرة، قائلا: فقدنا أصدقاء وأهلا، وسيظل مشهد الجثث الملقاة في الشوارع عالقا في ذاكرتي ومخلفا غصة في قلبي، مضيفا، لقد رفضت التعاون مع قوات الاحتلال واعتقلوا أخي لمدة 20 يوما.
وتابع: لم أكن أتخيل مستوى الفقر والجهل الذي يعيش فيه أفراد الجيش العراقي المحتل لبلادنا، وقد قاموا بعمليات نهب وسرقات كبيرة فسرقوا المقتنيات الثمينة والمجوهرات والتحف واللوحات الفنية النادرة والتكييفات وحتى الخبز والجبن من الجمعيات، مشيرا الى انه عندما علمت بتحرير الكويت شعرت بفرحة كبيرة وعدت فورا الى أرض الوطن، مؤكدا ان فرحة التحرير
لا تعادلها أي فرحة أخرى، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، استذكر الحربي مغامرته في نقل الذخيرة لأبطال المقاومة قائلا: طلب مني أحد الأصدقاء، والذي علمت لاحقا انه من عناصر المقاومة، نقل ذخيرة من خيطان كوني من الفنانين وأستطيع المرور من النقاط الأمنية التي يقف بها عناصر الاحتلال، فوافقت على الفور وكنت معتادا على الذهاب لمنطقة خيطان، ولسوء حظي ذلك اليوم تم تفتيشي عند هذة النقطة وكان بحوزتي عدد كبير من الذخائر (رصاص) وعند هذه اللحظة تسارعت دقات قلبي ولم يعد بيني وبين الموت سوى لحظات، قرأت خلالها الشهادة، لكن الله أغشى أعينهم عني، وسارت الأحداث في اتجاه آخر، حيث تعرف علي أحد الجنود، وأخذ يحدثني عن الفنانين وكنت قد صورت مسلسلا في العراق قبلها ولدي صور هناك، فأخلوا سبيلي وكتب الله لي الحياة، وعلمت بعد ذلك ان هذا البطل الذي جعلني أساهم في نقل الذخيرة قد استشهد.
وأضــاف الحـربـــي: «خلال هذه الفترة عملت في خدمة جمعية السرة، حيث كنت أسجل أسماء المواطنين الكويتيين وأقدم لهم احتياجاتهم من المواد الغذائية، كما اشتغلت أيضا مع الراحل فيصل القناعي في مخبز جمعية مشرف ولم يقبل - رحمة الله عليه - حينها إلا ان أقوم بخبز العجين فقط».
اعتقال وسوء معاملة
وعن سبب توقيفه من قبل قوات الاحتلال العراقي، أوضح الحربي: جاءت مجموعة من الافراد بزي مدني علمت لاحقا انهم من عناصر الشرطة، واستدعيت الى أحد مراكز الدوريات بمنطقة السرة - كانوا قد اتخذوه مقرا لهم-، ووضعوني في غرفة منذ الصباح وحتى المساء، وذلك بهدف اجباري على التعاون معهم فرفضت رفضا قاطعا، نقلوني بعدها الى سفارة العراق -التي كانت مقرا قيادة لهم في ذلك الوقت-، وهناك التقيت بشخص يدعى عدنان الملا وكان المستشار الإعلامي لسفارة العراق في الكويت، وكان سابقا ينسق لاستقبالات الفنانين الخليجيين في العراق اثناء الاحتفالات، وحين اخبرته برفضي التعاون معهم تحت أي ظرف، تفهم الموقف وأطلق سراحي بعد يومين كنت قد تعرضت خلالهما الى سوء معاملة وحرمان من الطعام والشراب.
ولفت الى انه انه اضطر الى مغادرة الكويت بعد هذا الموقف متجها إلى السعودية، إلا ان والدته واخوته كانوا بالكويت، وعن اللحظة التي علم فيها بتحرير الكويت، قال: «شعرت بفرحة كبيرة، وعدت فورا الى الوطن، رغم التحذيرات بوجود ألغام مزروعة ولن أنسى حين عدت الى الأراضي الكويتية والدخان الاسود الناجم عن احتراق آبار البترول يغطي سماء البلاد، لن أنسى هذا المشهد رغم مرور كل هذه السنوات، وأستطيع أن أخبركم الآن بأن فرحة لحظة التحرير لا تضاهيها أي فرحة أخرى.
سرقات بالجملة
وتابع الحربي: كنت استغرب مستوى الجهل والفقر الذي عاش به الجنود العراقيون إبان فترة غزو الكويت، حيث انتشرت سرقات مخازن الكويت والمقتنيات الثمينة والمجوهرات والتحف واللوحات الفنية النادرة، وكانوا يسرقون المنازل وحتى التكييفات، والمضحك أنهم كانوا يسرقون الوحدة الداخلية دون الوحدة الخارجية، وكانوا يسرقون أيضا الطعام والجبن من الجمعيات، مشيرا إلى أن هناك سرقات كثيرة حدثت في هذه الفترة، «وكانت بالجملة».
اقتحام المنزل
وروى موقفا قاسيا آخر تعرض له في ذات اليوم الذي قام بإخراج زوجته الى السعودية، حيث ذهب الى منزل والدته في نفس الليلة وتفاجأ باقتحام القوات العراقية للمنزل وشاهد والدته وهي تمسك بمسدس وكذلك شقيقه، الذي اعتقلته القوات العراقية بعد تسريب معلومات تفيد بأنه شارك في احدى عمليات المقاومة (تفجير الفروانية)، وأتذكر حينها ان احد الجنود صوب سلاحه باتجاه صدري إلا انه تعرف علي وأخذ يتحدث معي عن الفن والفنانين، ثم تركني وأخذ يفتش المنزل وسرق ساعات وأشياء ثمينة خاصة بي، ولحسن حظي انه لم ير السلاح الذي خبأته والدتي في الغرفة التي كنا بها.
شهداء الوطن
وزاد الحربي: من المشاهد التي لا أنساها أيضا، حين تفاجأت في إحدى المرات، بقوات عراقية تأتي إلى الشارع متجهين لمنزل د.هشام العبيدان - رحمه الله- وأخذوه، وبعدها في حوالي السادسة من صباح اليوم التالي، فوجئنا به ملقيا عند باب منزله، ومغطى وكان قد فارق الحياة، حملت جثمانه بنفسي مع احد اقاربه، خشية من صدمة أهله عن رؤيته جثة هامدة، ولقد استشهد ابن أختي بعد أن اوشى به احد الأشخاص لحيازته سلاح، خلال فترة الاحتلال وروت دماؤه الطاهرة ارض الكويت اسأل الله العظيم ان يرحمه ويغفر له ولجميع شهدائنا وان يحمي هذه الأرض الطاهرة ويحفظ أميرها وشعبها من كل شر.
استرداد أشرطة مسروقة من مكتبة التلفزيون
روى الفنان إبراهيم الحربي قصة استرداده عددا من الأشرطة المسروقة من مكتبة تلفزيون الكويت قائلا: في احدى المرات التي ذهبت فيها الى مبنى التلفزيون، التقيت مع بدر المضف واخبرني أنه علم من بعض الضباط عن محاولة تهريب عدد كبير من أشرطة مكتبة التلفزيون عبر الحدود.
وأضاف: طلبت من أحد الإخوان حينها القيام بمغامرة لاسترداد الأشرطة، وذهبت بالفعل لمنطقة الجهراء، وكان من الصعوبة تخطي منطقة أبعد من ذلك، بسبب الانتشار الكبير لدبابات الاحتلال، الا أنني تواصلت مع بعض الضباط السعوديين على الحدود بالإضافة الى الجنود الأميركان وقد استطاعوا الاحتفاظ بعدد من الأشرطة وقمت أنا بتسليمها لمبنى التلفزيون لاحقا.
ومن المفارقات العجيبة ان عناصر الاحتلال كانوا قد اتخذوا من مقر وزارة الإعلام حينها سكنا لهم.