مرّت بالأمس الذكرى 75 لتدمير الجيش الأميركي مدينتي هيروشيما ونجازاكي بقنبلتين نوويتين حصدتا أكثر من 300 ألف ياباني مدني، وشوهت أعداد لا حصر لها من الأطفال اليابانيين على مدى عقود. كان المبرر هو إنهاء الحرب العالمية الثانية بأسرع وقت رغم مؤشرات هزيمة اليابان القريبة وتدهور قواتها أمام الجيش الأميركي وخروج ألمانيا مهزومة في الحرب. لم تستخدم الولايات المتحدة نفس الحجة في حربها مع فيتنام رغم هزيمة الجيش الأميركي وتكبده خسائر فادحة في الحرب وانسحابه من فيتنام، مما يؤكد أن استخدام الأميركان للسلاح النووي ضد اليابان كان قرارا غير عقلاني ولا يستند إلى الحكمة. ولخطورة السلاح النووي قررت الدول النووية توقيع اتفاقيات لحظر انتشار السلاح النووي والتخلص منه ما أمكن، لأنه يهدد حياة البشرية والكائنات الحية على كوكبنا الأرضي ودفع ذلك العديد من الدول إلى التخلص من محطاتها النووية المولدة للطاقة الكهربائية رغم نظافتها البيئية، إلا أنها مرشحة لحادث تسرب نووي أو انفجار كانفجار مفاعل شرنوبل في مدينة كييف الأوكرانية التي تحولت إلى مدينة أشباح منكوبة في ثمانينيات القرن الماضي.
لم يكن أحد يتوقع أن يرى بأمّ عينه نموذجا مصغرا شبيها بتفجير نووي في مدينة عربية لكن لسوء الحظ حدث العكس وشاهد العالم السحابة العظيمة البيضاء (المشروم) وهي تلف مرفأ بيروت وتدمره بالكامل لتزحف ريحها بضعة كيلو مترات داخل المدينة وتصيب المباني بأضرار كبيرة ويسقط من جرائها آلاف المصابين ومئات القتلى والمفقودين وتضيف إلى لبنان مأساة جديدة تفوق مآسيه التي يعاني منها منذ عقود، وللأسف يأتي الانفجار الذي تبلغ قوته 4.5 درجات على جهاز قياس ريختر للزلازل قبل يومين من ذكرى مأساة هيروشيما وناجازاكي.
يقف الشعب اللبناني الآن مصدوما بعد انفجار مرفأ بيروت ولا يدري كيف يخرج من أزماته المتلاحقة، وهو يحتاج إلى مساعدة دولية صادقة تعينه على الخروج من صدمته ومن أزماته ولا بديل عن البدء بتحقيق دولي للكشف عن أبعاد هذا الانفجار الذي لا يخفى على المراقبين خفاياه والمتسببين الرئيسيين له منذ تخزين شحنة 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم القابلة للانفجار طيلة السنوات الست الماضية في ميناء بيروت الذي كان في تصرف ما يسمى بحزب الله ذراع النظام الإيراني في لبنان.
مثل هذا التحقيق الدولي لن يمس السيادة اللبنانية لأنه تدخل دولي قانوني لمساعدة لبنان، كما أن السيادة اللبنانية مفقودة منذ سيطرة النظام الإيراني عبر الحزب الطائفي على الدولة اللبنانية واستلابها لسيادته.