تنخرط تركيا واليونان، الدولتان العضوان في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، منذ شهور في خلاف يعد ضمن الأشد بينهما بشأن موارد الطاقة في شرق المتوسط، لكن هذه ليست المرة الأولى التي يشتعل فيها التوتر بين البلدين الجارين. فيما يلي لمحة عن تاريخهما الحديث الصعب:
قبرص
تختلف تركيا واليونان على الحدود البحرية منذ عقود. ويمكن إرجاع الجزء الأكبر من التوتر المرتبط بالمتوسط إلى نزاعهما بشأن قبرص التي اجتاحتها تركيا عام 1974 ردا على انقلاب رتبته أثينا في مسعى لتوحيد الجزيرة مع اليونان.
وبات الشطر الجنوبي من الجزيرة الناطق باليونانية، جمهورية قبرص التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004.
أما الشطر الشمالي الذي تعترف به تركيا فقط، فهو مفصول عن الجنوب بجدران وأسلاك شائكة وأكياس رملية.
وتسير قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص، التي تعد بين أقدم قوات لحفظ السلام الأممية، دوريات على طول «الخط الأخضر» الفاصل بين الشطرين.
وتؤكد تركيا أنها مستعدة للتفاوض مع أي بلد، بما في ذلك اليونان، باستثناء جمهورية قبرص التي لا تعترف بها.
الحدود
اتسع نطاق النزاع بشأن قبرص ليشمل عدة مسائل أخرى بما فيها الحقوق في مسطحات مائية متنازع عليها والمجال الجوي.
وتصر اليونان على أن القانون الدولي يمنحها حق توسيع رقعة المساحات البحرية التابعة إليها إلى 12 ميلا بحريا مقابل الأميال البحرية الستة التي تحظى بها الآن، لكن تركيا تخشى من أن ذلك قد يحرمها من الوصول إلى الجرف القاري في بحر ايجه ومن النفط والغاز الطبيعي.
ويتسم بحر أيجه بجغرافيا معقدة مع وجود شبكة تضم أكثر من ألفي جزيرة، معظمها يونانية.
وكاد البلدان ينخرطان في حرب خلال تسعينات القرن الماضي بشأن جزيرتي «إيميا» المعروفتين تركيا باسم «كارداك» وغير المأهولتين، لكن تمت تنحية هذه الخلافات جانبا من خلال ما أطلق عليها «ديبلوماسية الزلزال» عام 1999، عندما استجابت اليونان لزلزال مدمر هز تركيا.
المهاجرون
أدت الحرب السورية إلى تدفق اللاجئين، خصوصا إلى تركيا، التي تعد نقطة عبور للعديد من الساعين للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي الغنية. وباتت تركيا اليوم تستضيف نحو أربعة ملايين لاجئ سوري، ووصل أكثر من مليون لاجئ إلى الاتحاد الأوروبي عام 2015. ووقعت أنقرة بعد عام اتفاقا تاريخيا مع الاتحاد الأوروبي ينص على وقف تدفق المهاجرين مقابل الحصول على حوافز تشمل مساعدات مالية.
لكن تركيا لطالما اتهمت أوروبا بعدم الإيفاء بالتزاماتها وهددت بفتح حدودها مع اليونان والسماح للاجئين الراغبين في التوجه إلى أوروبا بعبورها، وبالفعل سمح للاجئين بالعبور إلى اليونان في فبراير، لكن اثينا استخدمت القوة المفرطة في منعهم ما أسفر عن مناوشات على الحدود.
الكنائس
أعاد الخلاف بشأن طريقة التعامل مع الإرث البيزنطي في تركيا الانقسام التاريخي بين البلدين إلى الواجهة.
وتعمق القلق بعدما أعادت تركيا الشهر الماضي تحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد كما كان عليه قبل أن يحوله كمال اتاتورك الى متحف منذ ثلاثينات القرن الماضي في إطار مساعي الجمهورية التركية لتبني مسار أكثر علمانية. وكان في الأصل كنيسة اشتراها السلطان العثماني محمد الفاتح لتحويلها إلى جامع. ونددت اليونان بخطوة أنقرة لإعادة فتح المسجد، المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).
الأقليات
تتهم تركيا اليونان بالفشل في مراعاة حقوق أفراد الأقلية المسلمة في منطقة تراقيا الغربية وسط اليونان، بما في ذلك حقهم في التعليم.
ولطالما اتهم اردوغان اليونان بإساءة معاملة الأقليات المسلمة وتلك الناطقة بالتركية على أراضيها، مشيرا إلى أن أثينا هي العاصمة الأوروبية الوحيدة التي لا تستضيف مسجدا رسميا.
الانقلاب الفاشل
تحول فرار جنود أتراك إلى اليونان بعدما شاركوا في محاولة انقلاب فاشلة العام 2016 على حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان إلى مصدر توتر آخر بين الطرفين.
وفي العام 2017 رفضت محكمة يونانية مطالب تركيا بتسليم 8 ضباط سابقين في الجيش التركي. وقد فر هؤلاء الثمانية إلى اليونان على متن مروحية عسكرية ليلة الانقلاب الفاشل الذي تتهم أنقرة جماعة فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة بالتخطيط له.