الأسبرين: 1853 ـ فرنسا
صنع أطباء العالم القديم مسحوق لحاء شجر الصفصاف لمعالجة الحمى (ارتفاع حرارة الجسم) وإننا اليوم نعرف ان ذلك اللحاء يحتوي على مركب الساليسيك الذي له علاقة بالأسبرين (ليس لمسحوق لحاء الصفصاف نفس فعالية الاسبرين، لكنه لا يسبب التهيج المعدي المعوي وما قد ينتج عنه من نزف وقرحة. صنع الانسان الاسبرين (اسيد اسيتيل الساليسيك) من علاج قديم، فغدا اكثر العقاقير استهلاكا وانتشارا في العالم، يستخدم كابحاً للألم ومضادا للالتهابات، ظهر الاسبرين لأول مرة عام 1853 في فرنسا، ونُسي امره مدة أربعين عاما، ثم اعيد اكتشافه اثناء بحث احد كيميائيي المانيا عن علاج لالتهاب مفاصل والده الروماتيزمي الشال (من الشلل).
ركب الكيميائي الالزاسي (من الالزاس في فرنسا) شارلز فريدريك فون غيرد هارت اسيد اسيتيل الساليسيليك لأول مرة عام 1853 في مختبره في جامعة مونبيلييه، ولكنه لم يصدق من خلال نتائج اختباراته المحدودة ان ما اخترعه كان تطويرا لعقار الساليسين الشائع آنذاك والمستخلص من لحاء الصفصاف ومن نبات اكليلية المروج (نبات من فصيلة rose) لم يلق الاسبرين في تلك الحالة أي اهتمام، واستمر الناس في تعاطي الساليسين لعلاج الحمى والتهابات وآلام المفاصل.
وفي عام 1893 جرب الكيميائي الألماني الشاب فيليكس هوفمان، العامل في شركة فاربن فابريكين بارير الدولية، كل العقاقير المعروفة آنذاك في محاولة منه لتخفيف آلام مفاصل والده.
فحقق العقار على نحو مثير للدهشة اثرا مسكنا لآلام والده الشالة. سرعان ما عرف كيميائيو شركة باير في دوسلدروف ان هوفمان قد اكتشف بالصدفة دواء جديدا مهما، وعندما عمدت الشركة الى انتاج الدواء باستخلاصه من نبات اكليلية المروج، ركبت اسمه التجاري من المقطع A من كلمة اسيتيل وspir من الاسم اللاتيني للنبتة Spiraea uimaria والأخير In من النهاية التي شاع استخدامها في تسمية الادوية آنذاك.
سوّق الاسبرين اول الامر في عام 1899 على شكل بودرة، وشاع بحيث اصبح اكثر الادوية استخداما في العالم، وفي عام 1915 انتجت شركة باير أقراص الاسبرين لأول مرة وفي بداية الحرب العالمية الأولى سجلت شركة باير حقوق صناعة الاسبرين، ولكنه بعد فشل المانيا في الحرب، اعتبرت تلك العلامة التجارية جزءا من التعويضات الحربية التي فرضها الحلفاء على المانيا، تنازلت المانيا في يونيو عام 1918 بموجب معاهدة فرساليز عن حقوق صناعة الاسبرين لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
من كتاب: قصة العادات والتقاليد وأصل الأشياء تشارلز باناتي