وقع اختيار الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن على اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي هما: انتوني بلينكن لتولي وزارة الخارجية وجيك سوليفان ليكون مستشارا للأمن القومي. ومن المعروف أنهما يقدران الزمالة ويؤيدان التحالفات الأميركية وأن خيارهما الأول لحل المشاكل هو الديبلوماسية.
ويحظى الاثنان بالإشادة لبراعتهما في الاهتمام بالتفاصيل وهي صفة صقلها بلينكن بصفة خاصة خلال خدمته الطويلة في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. غير ان بعض المنتقدين يتساءلون عن الكيفية التي سيحقق بها الاثنان النقلة إلى صدارة المناصب القيادية في الأمن القومي الأميركي.
وفيما يلي بعض القضايا السياسية التي سيواجهها بلينكن وسوليفان، الذي عمل في وزارة الخارجية ثم كبير مستشاري السياسة الخارجية لبايدن في إدارة أوباما، وهما يسعيان لطي صفحة السياسة الخارجية التي اتسمت في بعض الأحيان بالفوضى في عهد الرئيس دونالد ترامب.
الصين: من المتوقع أن تكون الصين التحدي الرئيسي أمام فريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن في وقت هوت فيه العلاقات بين واشنطن وبكين إلى أدنى مستوياتها منذ عشرات السنين.
ورغم أن ترامب حذر مرارا خلال الحملة الانتخابية من أن انتصار بايدن سيعني أن الصين «ستمتلك أميركا»، فقد قال بلينكن وسوليفان إن إدارة بايدن لن تكون أبدا خصما ضعيفا أمام بكين. ووعد الاثنان بأن يطبق بايدن سياسة أكثر تماسكا تجاه الصين على النقيض من نهج ترامب الذي اتسم في بعض الأحيان بالتفكك وتباين بين خوض حرب تجارية مريرة وإهالة الثناء على الرئيس الصيني شي جينبينغ.
ومن المتوقع أيضا أن يبلور الاثنان دعم الحلفاء للضغط على بكين لاحترام الأعراف الدولية في قضايا مثل التجارة وهونج كونج وبحر الصين الجنوبي وفيروس كورونا وحقوق الإنسان.
روسيا: من المتوقع أن يرسم بلينكن وسوليفان سياسة أكثر تشددا تجاه روسيا. إذ إن بايدن لم يترك مجالا للشك في أنه يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خصوم الولايات المتحدة عندما قال قبل الانتخابات «سأوضح لخصومنا أن أيام التودد مع المستبدين قد ولت». وخلال سبتمبر المنصرم قال بلينكن، الذي كان يعمل ضمن فريق أوباما عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في نزاع مع أوكرانيا، إن بايدن يؤمن بالتصدي لعدوان موسكو بوسائل من بينها العقوبات.كما اتهم روسيا في مقابلة مع شبكة سي.بي.إس التلفزيونية «بمحاولة استغلال ما نواجهه من صعوبات».
إيران: كان سوليفان من الأعضاء الرئيسيين في فريق المفاوضات السرية التي أفضت إلى الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 وقد طالب هو وبلينكن بالعودة إلى الديبلوماسية مع طهران. ومع الانسحاب من الاتفاق أعاد ترامب فرض العقوبات الأميركية على إيران وفرض عقوبات جديدة عليها أيضا في محاولة باءت بالفشل حتى الآن لإرغامها على التفاوض. وقد قال بايدن إنه سيعاود الانضمام للاتفاق إذا استأنفت إيران أولا الالتزام حرفيا بالاتفاق. وسيعمل بايدن مع الحلفاء «لتقوية الاتفاق وتمديده وفي الوقت نفسه التصدي بفاعلية لأنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار».
كوريا الشمالية: هاجم بلينكن تواصل ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وقال إن لقاءات القمة غير المسبوقة التي عقدها معه أخفقت في تحقيق أي تقدم في نزع السلاح النووي الذي تملكه بيونجيانج وزجت بالولايات المتحدة في أخطار أكبر من ذي قبل.
غير أنه ليس من الواضح كيف سيتعامل بلينكن وبقية أعضاء فريق بايدن مع كوريا الشمالية. فقد وعد بلينكن بالتعاون الوثيق مع الحلفاء والضغط على الصين من أجل «فرض ضغوط اقتصادية حقيقية» لدفع بيونجيانج إلى مائدة التفاوض.
أفغانستان: سيجد فريق الأمن القومي في إدارة بايدن نفسه أمام قرارات صعبة فيما يتعلق بأفغانستان التي قرر ترامب الأسبوع الماضي خفض عدد القوات الأميركية فيها إلى 2500 جندي من 4500 جندي بحلول منتصف يناير 2021 في خطوة تضعف قدرة كابول وواشنطن على الضغط على حركة طالبان.
والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت إدارة بايدن ستنفذ بنود الاتفاق الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وحركة طالبان في مارس وتسحب القوات الأميركية كلها من أفغانستان بحلول 2021 دون إلزام طالبان بتعهداتها بخفض العنف وقطع صلاتها مع تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى التي قد تشكل خطرا على المصالح الأميركية.