بينما يضيق الوقت وتوحي إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن أنها تأخذ الوقت الكافي، سيكون على الرئيس الجديد للولايات المتحدة المصمم على إنقاذ الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي تخلى عنه سلفه دونالد ترامب، كشف خطته قريبا.
ما هو الموقف الأميركي؟
«احترام كامل من أجل الاحترام الكامل».. هكذا يلخص الرئيس الديموقراطي شروط عودته إلى الاتفاق الموقع في 2015 ويفترض أن يمنع إيران من امتلاك سلاح ذري.
بعبارة أخرى، إنه مستعد للانضمام مجددا إلى موقعي الاتفاق وبالتالي رفع العقوبات الصارمة التي فرضها سلفه الجمهوري، ولكن فقط عندما تلتزم طهران مجددا بالقيود النووية الواردة في النص.
لكن الجمهورية الإسلامية التي بدأت في التحرر من هذه الالتزامات ردا على العقوبات الأميركية بالتحديد، تطالب بأن ترفع واشنطن أولا كل هذه الإجراءات العقابية.
هل ثمة مهل؟
أعلنت السلطات الإيرانية أنها ستجتاز عتبة تثير قلق المراقبين والأطراف الآخرين في الاتفاق (الصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا). اذ بموجب قانون أقره مجلس الشورى (البرلمان)، الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون في ديسمبر، يتعين على الحكومة تقليص نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال لم يتم رفع العقوبات.
وسبق وأعلن مسؤول ايراني أن طهران مصممة على منع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التفتيش بحلول 23 الجاري، لكن وزير الخارجية محمد جواد ظريف عاد وحاول التهدئة، وقال ان بلاده ستقلص المراقبة على منشآتها النووية ولن تعلقه.
وترى كيلسي دافنبورت من منظمة مراقبة التسلح أن «معظم الانتهاكات» للاتفاقية التي قامت بها طهران حتى الآن وخصوصا في مجال تخصيب اليورانيوم «يمكن عكسها بسرعة»، ويشير العديد من الخبراء إلى مهلة أقصر من ثلاثة أشهر.
وحذرت من أن «الانتهاكات التي خططت لها إيران للأشهر المقبلة أخطر (..) ويصعب عكسها»، بدءا من مسألة التفتيش لأن «أي خسارة لإمكانية الوصول» إلى المواقع الإيرانية «ستغذي التكهنات حول نشاطات غير مشروعة لإيران».
وفي فترة لاحقة، قد تؤدي الانتخابات الإيرانية في يونيو إلى تعقيد الوضع إذا فاز المحافظون فيها.
هل مازال هناك وقت؟
حذر ديبلوماسي سابق في الاتحاد الأوروبي بأن موعد 21 فبراير وهو موعد انتهاء العمل بالبروتوكول الاضافي، يقترب بسرعة و«من الضروري تفعيل العمل الديبلوماسي»، وأضاف أن «الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة» ما إذا كان من الممكن «إقناع إيران بعدم المضي قدما» في هذا الانتهاك الجديد.
ويؤكد مصدر أوروبي أن «كل الرهان يتعلق بأن هذه العتبة لن يتم تجاوزها بحلول ذلك الموعد»، مشيرا إلى أنه «خط أحمر لدى روسيا والصين» أيضا.
ويعتقد جون وولفستال الذي كان يقدم المشورة لبايدن عندما كان في منصب نائب الرئيس أن الولايات المتحدة وإيران «تفكران في إصدار إعلان قبل 21 فبراير يؤكد نيتهما المشتركة احترام الاتفاق من جديد».
هل سيتحدث الأميركيون والإيرانيون إلى بعضهم؟
نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس ردا على سؤال أن يكون 21 فبراير موعدا نهائيا، وقال «لا نحدد أي موعد نهائي دقيق».
رسميا تركز إدارة بايدن التي عينت روب مالي أحد المهندسين الأميركيين لنص الاتفاق الموقع في 2015، مبعوثا لإيران، حاليا على اتصالاتها مع حلفائها الأوروبيين والدول الأخرى الموقعة للاتفاق. ولن يبدأ الحوار المباشر مع طهران بعد القطيعة مع عهد ترامب، إلا في مرحلة لاحقة.
لكن في الكواليس كما يعتقد مستشار سابق للبيت الأبيض في عهد باراك أوباما أن «المسؤولين الأميركيين بدأوا بالفعل التحدث مع المسؤولين الإيرانيين».
ما هي الخيارات؟
يرى توماس كونتريمان الذي كان مساعدا لوزير الخارجية في إدارة أوباما ـ بايدن أن الرئيس الأميركي يمكنه أن يرفع بمرسوم «بعض العقوبات لإثبات حسن نيته».
لكن ذلك يبدو غير ممكن ما لم تقم إيران بالخطوة الأولى. ففي البلدين يجب على القادة أن يبرهنوا على أنهم «لا يخضعون للضغوط»، على حد قول توماس كانتريمان.
ولا يستسيغ اليمين الأميركي ومعه بعض الديموقراطيين استئناف الحوار ويحثون جو بايدن على عدم الارتماء في أحضان طهران دون ضمانات عملية.
والخيار الآخر على حد قوله هو «إعلان نوايا متبادل بين طهران وواشنطن يلتزمان فيه بالعودة الكاملة للاتفاق» قبل تفاوض على الشروط والجدول الزمني.
واقترح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا من أجل «ضبط إيقاع» إجراءات البلدين العدوين وهذا كان فحوى الاجتماع الذي جمع بين وزراء خارجية الدول الأوروبية الكبرى ووزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن.
وقال مصدر أوروبي إنه يمكن للقارة العجوز أن تكون «محور هذه المفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين والروس والصينيين». ورأى آخر أن «كل شيء يكمن في أدق تفاصيل تسلسل» الخطوات.
ويشير مراقبون إلى مبادرات أميركية حيال طهران لإعادة بناء بعض الثقة، مثل مساعدة في مجال اللقاحات ضد «كوفيد ـ 19» أو مساعدة إنسانية أو ضمانات اقتصادية، مثل الموافقة على الطلب الإيراني للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.