يرى محللون أن حماس تريد فرض نفسها في المعادلة الفلسطينية عبر الصواريخ التي تطلقها على اسرائيل، في حين تسعى إسرائيل الى القضاء تماما على نفوذ الحركة الإسلامية عبر قصف بناها العسكرية في قطاع غزة.
وتدهور الوضع بين الطرفين في اقل من اسبوع. فالمواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في باحات المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة اشعلت فتيل الحرب بين اسرائيل وحماس في قطاع غزة، في موازاة توتر بين اليهود والعرب في الأراضي المسماة أراضي الـ 48 والتي تطلق عليها وسائل الإعلام المدن المختلطة، داخل اسرائيل وكذلك صدامات في الضفة الغربية المحتلة.
وواجه فلسطينيون ينددون باحتلال اسرائيل للقدس الشرقية منذ 1967، شرطة الاحتلال في الحرم القدسي الذي كان يستقبل يوميا خلال شهر رمضان عشرات آلاف المسلمين.
وما ان انتهت هذه المهلة حتى اطلقت الحركة مئات الصواريخ على اسرائيل وصولا الى القدس. وسرعان ما ردت السلطات الإسرائيلية ليتحول الأمر إلى حرب دامية اسفرت عن اكثر من 130 شهيدا فلسطينيا وبينهم عشرات الاطفال.
والسؤال: ماذا يريد كل من حماس وإسرائيل من ذلك؟
تقول ليلى سورات الباحثة المشاركة في مرصد العالمين العربي والإسلامي في جامعة بروكسل الحرة إن «حماس تحاول ان تتموضع بوصفها حامية للفلسطينيين وقبل كل شيء للقدس، وهو أمر جديد نسبيا مقارنة بما كان عليه المشهد سابقا».
وتضيف لفرانس برس «من الواضح أن حماس تحاول احراج محمود عباس الضعيف اصلا والذي ارجأ الانتخابات. ولكن فيما يتجاوز ذلك، تشعر الحركة بأن هناك امورا تتطور من وجهة نظر فلسطينية». في الاشهر الاخيرة، توافقت حماس التي تسيطر على قطاع غزة وحركة فتح بزعامة عباس الذي مقره في رام الله بالضفة الغربية المحتلة على خارطة طريق للمصالحة بعد انقسام استمر أكثر من عقد.
ومحور هذه المصالحة اجراء انتخابات كانت مقررة في مايو. لكن عباس ارجأ الاستحقاق لان اسرائيل التي تحتل القدس لم توافق على إشراك الفلسطينيين من سكانها فيه. ولم تخف حماس استياءها من قراره وخصوصا انها كانت تعول على الانتخابات لمعاودة اكتساب شرعيتها.
وتزامن ذلك مع تنظيم تظاهرات في القدس. وتوضح سورات أن حماس «لم تقف وراء هذا الحراك» بل «استخدمت الأداة العسكرية لتكون في صلب حماية فلسطينيي القدس».
منذ الهجمات الصاروخية الاولى، بادر رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو المهدد بخسارة الحكم لحساب ائتلاف ممكن بين المعارضة والأحزاب العربية، الى اتهام حماس بأنها تجاوزت «خطا احمر».
ولم يكتف الجيش برد محدود على عادته، بل قصف قطاع غزة الذي تحاصره اسرائيل من دون هوادة.
وفي رأي ياكوف اميدرور مستشار الامن القومي السابق لنتنياهو أن «على اسرائيل ان تظهر لحماس انها لا تستطيع إملاء شيء عليها». وبناء عليه، على اسرائيل «الا تكتفي بتدمير قدرات (حماس) وبناها» بل ان «تقتل» قادتها.
ويضيف «الجهود (قائمة) لقتل أكبر عدد من عناصر حماس وخصوصا الخبراء التقنيين» في الصواريخ والطائرات المسيرة.
وفي هذا السياق، استهدف الجيش الاسرائيلي هذا الأسبوع عددا من القادة والمهندسين والمتخصصين في صنع الصواريخ وفي الاستخبارات المعلوماتية والطائرات المسيرة الصغيرة. ويقول مصدر عسكري اسرائيلي إن «هذا الأمر له تأثير بعيد المدى على قدرة الحركة على انتاج اسلحة».
واعترضت منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية عددا كبيرا من الصواريخ التي اطلقتها حماس، بحسب الجيش.
ويرى ناجي شراب استاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية في غزة أن اسرائيل تسعى الى «اضعاف» حماس و«تعزيز» الانقسام بين الفصائل الفلسطينية. لكنه يلفت الى «انها لعبة خطيرة، لان الانتفاضة قد تمتد الى الضفة الغربية وتنهي السلطة الفلسطينية» التي يترأسها عباس، ما يعني إغراق الفلسطينيين في مجهول اضافي.