أجرى فريق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد واليميني المتطرف نفتالي بينيت مفاوضات شاقة لتشكيل ائتلاف حكومة «التغيير» يمكنها ان تكسر شوكة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وتنهي حكمه المستمر في المنصب منذ 12 عاما دون انقطاع.
وأكد المعارض المنتمي لتيار الوسط لابيد أمس أن «الكثير من العقبات» لاتزال قائمة أمام تشكيل الائتلاف، قبل يومين فقط من انتهاء المهلة التي يمنحه اياها الدستور لإعلان الحكومة وتنتهي منتصف ليل الغد. وتوقع معلقون معركة مريرة في الفترة المقبلة.
واعتبر ان الساعات المتبقية ربما تكون بمنزلة «أول اختبار لنا لمعرفة ما إذا بإمكاننا إيجاد حلول وسط ذكية لتحقيق الهدف الأكبر».
وزادت فرص نجاحه في هذا المسعى، عندما حسم بينيت أمره أمس الأول واعلن قبوله المشاركة في حكومة «وحدة وطنية». ولايزال لابيد الذي جاء حزبه في المرتبة الثانية بعد انتخابات مارس بحصوله على 17 مقعدا، بحاجة إلى 4 مقاعد لتشكيل الائتلاف. وقد تعرقل مسعاه أيضا، مناورات سياسية قد يقوم بها نتنياهو المصمم على البقاء في السلطة لفترة قياسية.
وحمل نتنياهو على بينيت معتبرا ما قام به عملية «احتيال القرن»، ومنبها من أن التوجه لتشكيل حكومة وحدة برئاسة لابيد سيكون «خطرا على أمن اسرائيل».
واتسم رد لابيد بالتحفظ.
وقال في خطاب بثه التلفزيون «بعد أسبوع من الآن، يمكن لاسرائيل أن تدخل عهدا جديدا. ستنعم فجأة بقدر أكبر من الهدوء. سيذهب الوزراء لأعمالهم دون تحريض.. دون كذب.. ودون محاولة بث الخوف طوال الوقت».
ولتشكيل حكومة، كان على لابيد زعيم حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل) ضمان دعم 61 نائبا، بعد ان سمح له دعم اليسار والوسط وحزبيين يمينيين بجمع 51 مقعدا، وارتفع رصيده بإضافة المقاعد الـ 7 لحزب «يمينا» بزعامة بينيت (49 عاما).
لكن أحد أعضاء الكنيست من حزب «يمينا» أعرب عن رفضه للتعاون مع المعسكر المناهض لنتنياهو. وليتمكن من تشكيل ائتلاف حكومي تعلق آمال لابيد على حزبي عرب الـ 48 اللذين لاتزال مواقفهما ضبابية. وقبول الحزبين العربيين، سيضطرهما إلى دعم ائتلاف يضم بينيت الشخصية القومية الدينية المتطرفة الداعمة بشدة المستوطنين. وقال بينيت أمس الأول «اليسار يقوم بتسويات ليست سهلة على الإطلاق، حين يطلب مني أن أكون رئيسا للوزراء».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الاتفاق الائتلافي ينص على تولي بينيت الحكومة في أول سنتين يليه لابيد. وتولى نتنياهو الذي لطالما شكك في اتفاقيات أوسلو للسلام، زعامة حزب الليكود العام 1993 وقاده إلى الفوز في الانتخابات ليكون أصغر رئيس وزراء لإسرائيل سنا العام 1996 عندما كان يبلغ من العمر 46 عاما.
وخسر نتنياهو (71 عاما) السلطة سنة 1999، لكنه استعادها بعد عشر سنوات ليبقى على رأسها مذاك.
ويواجه السياسي المحنك 3 تهم بالفساد كأول رئيس حكومة إسرائيلية يواجه اتهامات جنائية وهو في منصبه، وسيفقد الحصانة في حال أطيح به. وقد انقسمت التعليقات السياسية في إسرائيل بشأن كل شيء عدا حماقة فكرة إقصاء نتنياهو. وكتبت سيما كادمون بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية واسعة الانتشار «حدث أمس أمر لا يمكن المبالغة في أهميته. تهيأت فرصة حقيقية.. حكومة بديلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».
لكنها أضافت: «لم ينته الأمر بعد. سيفعل نتنياهو قطعا كل شيء لتحويل الزخم».
وخرجت صحيفة إسرائيل هيوم الموالية لنتنياهو وهي تحمل عنوانا رئيسيا ضخما يقول إن بينيت وجدعون ساعر، وهو يميني آخر في محادثات مع لابيد، بأنهما في «خدمة اليسار».
وأبقى نتنياهو الباب مفتوحا أمام اليمينيين الذين قد ينشقون، وأصر على أنه لايزال قادرا على تشكيل الحكومة المقبلة.
وإذا فوت لابيد وبينيت الموعد النهائي فيمكن للكنيست اختيار مرشح جديد لتشكيل ائتلاف. وإن أخفق الجميع تجري البلاد انتخابات خامسة.
لكن مصدرا مطلعا على محادثات تقاسم السلطة بين بينيت ولابيد قال إن «تقدما كبيرا» تحقق صوب التوصل لاتفاق نهائي، على الرغم من خلافاتهما السياسية. وأضاف المصدر «ما يوحدهما أكثر بكثير مما يفرق». ويريد كل من بينيت، وهو وزير دفاع سابق، ولابيد، وهو وزير مالية سابق، الاستثمار في قطاعي التعليم والصحة، والتصدي لأي مشكلات اقتصادية بسبب جائحة كوفيد-19.
لكن الائتلاف الجديد سيعني على الأرجح جمودا في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني مع وجود اختلافات واضحة في السياسة بين شركاء الائتلاف.
وأيد بينيت ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، لكن حلفاءه المحتملين الذين يميلون إلى اليسار قد يدعون للتنازل عن أراض للفلسطينيين.