استقبل المجتمع الدولي الحكومة الجديدة، التي اعلنتها حركة طالبان أول من أمس، بفتور باعتبارها من لون واحد، فيما اعتبرت قطر أن طالبان أظهرت «براغماتية» وينبغي الحكم على أفعالها لأنها الحاكم الأوحد في أفغانستان، من دون أن تذهب إلى حد الاعتراف الرسمي بها.
وقالت مساعدة وزير الخارجية لولوة الخاطر في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» إنه يعود للشعب الأفغاني وليس المجتمع الدولي أن يقرر مصيره.
وقالت الخاطر «أظهروا قدرا كبيرا من البراغماتية. دعونا نغتنم الفرص المتاحة (..) ونحكم على تصرفاتهم»، مضيفة «إنهم الحكام الفعليون. لا شك في ذلك أبدا».
وتحدثت الخاطر عن «بعض الإشارات الطيبة»، وتابعت أن الاعتراف القطري بحركة طالبان لن يأتي على الفور.
من جهتها، أبدت الصين استعدادها لمواصلة الاتصالات مع قادة حكومة طالبان الجديدة، ووصفت تشكيلها بأنه «خطوة ضرورية» في إعادة الإعمار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، في مؤتمر صحافي في بكين، «نأمل أن تستمع السلطات الأفغانية الجديدة للناس من جميع الأعراق والفئات، من أجل تلبية تطلعات شعبها وتطلعات المجتمع الدولي».
من جهته، أعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو لا تخطط على الفور لإجراء محادثات مباشرة مع حكومة تصريف الأعمال الجديدة.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عنه القول إن روسيا، شأنها شأن معظم الدول الأخرى، ستراقب ما تقوم به طالبان بعد ذلك.
على الطرف المقابل، استقبلت دول غربية إعلان تشكيل حكومة طالبان بفتور وحذر. وانتقدها الاتحاد الأوروبي، معتبرا أنها لا تمثل التنوع العرقي والديني في البلاد.
وقال ناطق باسم الاتحاد الأوروبي في بيان «بعد تحليل أولي للأسماء المعلنة، لا يبدو أن التشكيلة الحكومية جامعة وذات صفة تمثيلية للتنوع الإتني والديني الغني في أفغانستان الذي كنا نأمل بأن نشهده ووعدت به طالبان خلال الأسابيع الأخيرة»، وأشار إلى أن ذلك كان «أحد الشروط الخمسة الموضوعة» لإقامة علاقات بين التكتل الأوروبي والسلطة الأفغانية الجديدة.
وأبدى هايكو ماس وزير الخارجية الألماني قلقه إزاء الحكومة، قائلا إنه ليس هناك ما يبعث على التفاؤل حيال الأوضاع في أفغانستان.
وأصاف «إعلان حكومة مؤقتة لا تشارك فيها جماعات أخرى، والعنف الذي وقع أمس ضد المتظاهرين والصحافيين في كابول ليس إشارات تبعث على التفاؤل».
وأعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن أسفها من أن «الأفعال غير متطابقة مع الأقوال»، ورأت أنه «لم تتم تلبية متطلبات المجتمع الدولي (..)»، وفق ما ذكر المتحدث باسم الوزارة في بيان.
ويبدو أن التحديات الداخلية التي ستواجهها الحركة لن تقل عن الضغوطات الخارجية، وعلى غرار ما حدث في الأيام الماضية، خرجت تظاهرات جديدة مناهضة للنظام أمس غداة مقتل شخصين في هرات (غرب).
وللمرة الأولى، اتخذت الاحتجاجات منعطفا داميا في هرات (غرب) أول من أمس، حيث قتل شخصان وأصيب ثمانية بأعيرة نارية خلال مسيرة مناهضة لطالبان بحسب طبيب محلي.
كما قامت الحركة بتفريق مسيرة صغيرة خاطفة في كابول، وفق ما أشارت وكالة «فرانس برس» أمس، وذكرت وسائل إعلام محلية أن الأمر نفسه حدث في فايز آباد (شمال شرق).
إلى ذلك، أعرب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني عن أسفه لفشله في ضمان مستقبل أفضل للشعب، بعدما سمح فراره في 15 أغسطس بسقوط كابول بسهولة وتولي طالبان السلطة في البلاد. وقال في بيان «ببالغ الأسف طويت صفحتي بمأساة مماثلة لمأساة أسلافي، من دون التمكن من ضمان الاستقرار والازدهار، أعتذر للشعب الأفغاني لفشلي في جعل الأمور تنتهي بشكل مختلف».