مني حزب العدالة والتنمية الإسلامي بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية المغربية بعد عشرة أعوام قضاها في رئاسة الحكومة، لصالح حزب التجمع برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش الذي يوصف بالمقرب من القصر الملكي.
وأعلن وزير الداخلية المغربي عبدالوافي الفتيت صباح أمس عن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي لنتائج الانتخابات التشريعية بحصوله على 97 مقعدا.
كما حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 82 مقعدا، وحزب الاستقلال على 78 مقعدا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 35 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية على 26 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية على 20 مقعدا والاتحاد الدستوري على 18 مقعدا، والعدالة والتنمية على 12 مقعدا، بينما نالت باقي الأحزاب الأخرى 12 مقعدا.
وكان حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل قد تصدر نتائج الانتخابات في عامي 2011 و2016 بعد أن أوصلته النسخة المغربية من احتجاجات الربيع العربي إلى الحكومة.
وحزب التجمع، المصنف ليبراليا، لعب أدوارا أساسية في الحكومة المنتهية ولايتها، وحصد أكثر من ربع المقاعد بحصوله على 97 مقعدا من أصل 395 في البرلمان بعد فرز 96% من الأصوات.
أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل الذي وصل إلى رئاسة الحكومة في سياق الربيع العربي 2011، فسجل تراجعا مدويا، إذ انخفضت حصته من 125 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته إلى 12 مقعدا فقط في البرلمان المقبل.
ويرتقب أن يعين الملك محمد السادس خلال الأيام المقبلة رئيس وزراء من حزب التجمع يكلف بتشكيل فريق حكومي جديد لخمسة أعوام، خلفا لسعد الدين العثماني.
وبعد فشله في هزم الإسلاميين قبل خمسة أعوام حافظ حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الثانية بـ82 مقعدا. وكان المنافس الرئيسي للعدالة والتنمية منذ أن أسسه مستشار الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمة العام 2008، قبل أن يغادره في 2011.
أما حزب الاستقلال (يمين وسط) فحل في المرتبة الثالثة بنيله 78 مقعدا. وكان كلا الحزبين ضمن المعارضة خلال الولاية البرلمانية المنتهية.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 50.35% وفق ما أعلن وزير الداخلية، علما أنها المرة الأولى في تاريخ المملكة التي تجري فيها في اليوم نفسه انتخابات برلمانية (395 مقعدا) ومحلية وجهوية (أكثر من 31 ألفا).
وكانت هذه النسبة استقرت في حدود 43% في آخر انتخابات برلمانية قبل خمسة أعوام، و53% في آخر انتخابات محلية وجهوية العام 2015.
وقال وزير الداخلية إن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات مهمة جدا تعكس مدى الأهمية القصوى التي يوليها المواطن المغربي لهذه المحطة الانتخابية المهمة ولمختلف المؤسسات المنتخبة.
وتعد الهزيمة المدوية للحزب الإسلامي المعتدل مفاجأة كبيرة إذ ظلت تقديرات محللين ووسائل إعلام محلية ترشحه للمنافسة على المراتب الأولى، في غياب استطلاعات للرأي حول توجهات الناخبين قبل الاقتراع.
وظل الحزب يحقق نتائج تصاعدية منذ مشاركته في أول انتخابات برلمانية العام 1997، إلى أن وصل إلى رئاسة الحكومة في أعقاب احتجاجات حركة 20 فبراير 2011 المطالبة «بإسقاط الفساد والاستبداد»، لكن من دون السيطرة على الوزارات الأساسية.
ويمنح الدستور الذي أقر في سياق تلك الاحتجاجات صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، لكن الملك يحتفظ بمركزية القرار في القضايا الاستراتيجية والمشاريع الكبرى التي لا تتغير بالضرورة بتغير الحكومات.
وبعد خمسة أعوام على رأس الحكومة استطاع الحزب الحفاظ على موقعه وفاز بانتخابات 2016 بفارق مهم عن أقرب منافسيه، بقيادة أمينه العام السابق عبدالإله بنكيران.
لكن بنكيران لم يستطع تشكيل حكومة ثانية لتشبثه برفض شروط وضعها عزيز أخنوش في أزمة سياسية استمرت أشهرا، قبل أن يعفيه الملك ويعين بدله الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني. وقبل الأخير بعد ذلك بشروط أخنوش، ما أظهر الحزب في صورة ضعيفة.
وقبيل إغلاق مكاتب الاقتراع أعلن حزب العدالة والتنمية أنه سجل «استمرار التوزيع الفاحش للأموال في محيط عدد من مراكز التصويت، دون تدخل السلطات المعنية».
وسبق أن ندد حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية، التي استمرت أسبوعين، باستعمال المال لشراء أصوات ناخبين ولاستقطاب مرشحين، لكن من دون تسمية أي طرف.
من جهته، وجه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي الاتهام مباشرة إلى حزب التجمع بالمسؤولية عن «إغراق» الساحة بالمال، ورد عليه الأخير، متهما إياه بالسعي إلى «ضرب مصداقية الانتخابات».