تظاهر آلاف المحتجين في السودان امس مطالبين بإسقاط «حكم العسكر» رغم اتفاق مثير للجدل أعاد رئيس الوزراء المدني عبدالله حمدوك الى منصبه بعد إقالته بقرار من قائد الجيش الفريق اول عبدالفتاح البرهان في 25 اكتوبر الماضي، وتعد هذه الاحتجاجات التي اطلق عليها «مليونية الوفاء للشهداء» «اول اختبار» للاتفاق السياسي الاخير الموقع بين البرهان وحمدوك.
وهتف المتظاهرون في منطقة أم درمان امس بشعارات منددة بحكم الجيش ومطالبة بعودة المدنيين من قبيل: «حكم العسكر ما يتشكر» و«المدنية خيار الشعب» فيما أطلقت قوات الأمن السودانية قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وردد محتجون في شارع الستين بوسط الخرطوم «الشعب يريد اسقاط النظام»، مستعيرين الشعار نفسه الذي تردد في عدة عواصم عربية منذ احتجاجات ما يعرف بـ «الربيع العربي» في عام 2011.
كما هتف المتظاهرون في العاصمة السودانية ضد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان واتهموه بأنه مرتبط بـ «الاسلاميين» وبنظام عمر البشير الذي أسقط اثر انتفاضة شعبية في العام 2019.
وعلقت مكبرات صوت في الخرطوم ايضا أخذت في بث اغنيات كانت تسمع كذلك إبان التظاهرات ضد البشير.
وخرجت تظاهرات كذلك في دارفور (غرب) وشمال كردفان (وسط) وفي جنوب الخرطوم.
ومنذ عدة أيام دعا الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي الى التظاهرات الجديدة التي أطلقوا عليها «مليونية الوفاء للشهداء» الذين سقطوا خلال تصدي قوات الأمن لتظاهرات الاحتجاج على قرارات قائد الجيش الفريق اول عبدالفتاح البرهان حيث سقط 42 قتيلا ومئات الجرحى، بحسب النقابة المركزية للأطباء المؤيدة لحكم مدني خالص.
وفيما نددت منظمات حقوق الانسان الدولية والمجتمع الدولي خلال الأسابيع الأخيرة بقمع المتظاهرين، دعا موفد الأمم المتحدة الى السودان فولك بيرثيس الى تجنب «إراقة الدم والاعتقالات التعسفية» خلال التظاهرات الجديدة.
وقال إن هذه الاحتجاجات الجديدة هي «اختبار» للسلطات السودانية التي لايزال جزء كبير من المساعدات الدولية المخصصة لها معلقا والتي لاتزال عضويتها معلقة في الاتحاد الافريقي.
وكان البرهان قد استجاب يوم الاحد الماضي شكلا لمطالب المجتمع الدولي بإعادته حمدوك الى رئاسة الحكومة والتعهد بالافراج عن السياسيين الذين اعتقلوا عقب انقلابه على شركائه المدنيين في مؤسسات السلطة الانتقالية التي يفترض أن تقود البلاد نحو حكم مدني من خلال انتخابات عامة في العام 2023.
ولكن المتظاهرين لم يقبلوا هذا الاتفاق الذي وصفه تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دورا محوريا في الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير في ابريل 2019 بأنه «خيانة» و«انتحار سياسي» لحمدوك.
من جهته، وعد حمدوك بعد عودته الى منصبه بإعادة اطلاق المرحلة الانتقالية وصولا الى الديموقراطية.
ورغم إعادة رئيس الوزراء المعزول الى موقعه إلا أن البرهان أبقى على التشكيل الجديد لمجلس السيادة، السلطة الأعلى خلال المرحلة الانتقالية، الذي تم استبعاد ممثلي قوى الحرية والتغيير (التكتل المدني الرئيسي الذي وقع مع الجيش اتفاق تقاسم السلطة عقب اسقاط البشير).
واحتفظ قائد الجيش لنفسه برئاسة هذا المجلس كما أبقى على نائبه محمد حمدان دقلو، المعروف بـ «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع وهي ميليشيا متهمة بارتكاب تجاوزات وانتهاكات عديدة في دارفور.