طوى إبراهيم رئيسي مؤخرا عامه الأول رئيسا للجمهورية في إيران، تمكن خلاله من ضبط تفشي وباء كوفيد-19، الا أنه يواجه صعوبة في تحقيق وعوده بتحسين الظروف الاقتصادية في البلاد الواقعة تحت تأثير عقوبات أميركية.
ووعد رئيسي الآتي من تجربة طويلة في السلطة القضائية، بأن تسارع حكومته بالتركيز على مجالين أساسيين هما: ضبط انتشار وباء كانت إيران الأكثر تأثرا به في الشرق الأوسط، وإعادة تصحيح الوضع الاقتصادي الذي يعاني بشكل أساسي من العقوبات.
وشكلت العقوبات القاسية أحد الأسباب التي عاقت الاسراع في عملية التلقيح ضد كوفيد-19، خصوصا من خلال تأثيرها على امكانية استيراد لقاحات من الخارج. الا أن حكومة رئيسي التي نالت ثقة البرلمان أواخر أغسطس 2021، سرعت من عمليات التلقيح عبر استيراد جرعات من الصين وروسيا بشكل أساسي، إضافة الى لقاحات تم تطويرها محليا.
ووفق آخر الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، تلقى 58.1 مليون إيراني (زهاء 70% من إجمالي عدد السكان) جرعتين على الأقل.
ويقول حميد رضا ترقي، القيادي في حزب «المؤتلفة الإسلامية» المؤيد لرئيسي، لوكالة فرانس برس إن الحكومة «نجحت في كبح جماح ڤيروس كورونا والحد من تأثيراته».
ويرى الباحث في مجموعة «أوراسيا» هنري روم أن «حكومة رئيسي أشرفت على تطعيم واسع النطاق ضد كوفيد-19، بعدما بدلت الدولة من سياستها ووافقت على استيراد لقاحات أجنبية».
الاقتصاد رهن النووي؟
لكن هذا النجاح لم ينعكس بعد في المجال الاقتصادي، حيث تبدو الأمور أكثر تعقيدا.
وتواجه ايران أزمة اقتصادية ومعيشية حادة تعود بشكل أساسي الى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها اعتبارا من العام 2018، في أعقاب الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي.
وأدت هذه الأزمة في أحد جوانبها، الى حال من انعدام ثقة الإيرانيين بالسلطة السياسية، وهو ما أقر الرئيس السابق حسن روحاني بوجوده قبل نهاية ولايته الثانية. ويرى محللون أن هذا الأمر كان من العوامل التي أدت الى تسجيل نسبة امتناع كبيرة في الانتخابات الرئاسية لعام 2021.
وأتت الانتخابات في أعقاب موجات من الاحتجاجات تعاملت معها السلطات بالشدة، أبرزها أواخر 2017 ـ مطلع 2018، ونوفمبر 2019.
وفي حين بدأ الاقتصاد يستعيد نسق النمو في أواخر عهد روحاني إثر ركود بين 2018 و2019 في أعقاب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، الا أن تقديرات صندوق النقد الدولي لا تتوقع أن يعود الدخل الفردي لمستويات ما قبل الأزمة حتى العام المقبل.
ويتوقع أن يبقى مستقبل الاقتصاد مرتبطا بشكل كبير بمصير المفاوضات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، والتي ستتيح في حال نجاحها، رفع الكثير من العقوبات التي تعوق النشاط التجاري مع طهران خصوصا صادرات النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات الدولة.
مشكلات أكبر
وفي حال استمرار جمود المفاوضات النووية، يرى محللون أن الحكومة الإيرانية ستبقى تواجه عجزا ضخما في ميزانيتها السنوية.
ووفق أحدث الأرقام الرسمية، سجل التضخم خلال يونيو الماضي زيادة قدرها 54% عن الفترة نفسها من العام الماضي، ليواصل بذلك قضم القدرة الشرائية للإيرانيين.
أما العملة المحلية (الريال) التي سجل سعر صرفها تحسنا في مطلع العام مع تواتر الأنباء عن تحقيق تقدم في المباحثات النووية، فتراجعت بشكل إضافي خلال العام، وبلغت مستويات متدنية قياسية في يونيو المنصرم.
وفي ظل هذه الصعوبات، اتخذت الحكومة سلسلة إجراءات حادة في مايو الماضي، شملت تعديل نظام الدعم الحكومي ورفع أسعار مواد غذائية أساسية شملت الطحين والزيوت ومنتجات الحليب. وتلت هذه الإجراءات تحركات احتجاجية في عدد من المناطق الإيرانية.
ويقول مدير تحرير صحيفة «شرق» الإصلاحية مهدي رحمانيان لفرانس برس «الأفق الاقتصادي للبلاد ليس واضحا، والخبراء الاقتصاديون يتوقعون ارتفاعا جديدا في الأسعار».
بدوره، يرى روم أنه في حال بلغت المباحثات طريقا مسدودا وانهارت بالكامل «ستكون إيران على الأرجح في مواجهة مشكلات اقتصادية واجتماعية أكبر».