بيروت ــ عمر حبنجر
حتى عصر امس لم تطلق ابواق الحسم العسكري اللبناني مع جماعة فتح الاسلام في مخيم النهر البارد، ولا قرعت طبوله، وتبين للمراقبين ان المناوشات التي حصلت في صباح امس الباكر وظنها الناس مقدمة للحسم الذي تعهدت به الحكومة والتزمت بتنفيذه قيادة الجيش كانت مجرد خروقات للهدنة الانسانية غير المعلنة من جانب المسلحين المحشورين في الزاوية الشمالية من المخيم لاثبات جهوزيتهم للمواجهةالتي يجمع كثير من المراقبين على انها ستبدأ اليوم او غدا على ابعد تقدير.
كلام الناس يربط التباطؤ في اطلاق عملية الحسم بوصول الذخائر التي طلبتها الحكومة اللبنانية من الدول الشقيقة والصديقة، وقد سارعت واشنطن الى اقرار المساعدة والتحضير لتنفيذها، بينما وصلت 4 طائرات اميركية واخرى كويتية ومصرية واردنية، محملة بما يحتاجه الجيش اللبناني من ذخائر اثباتا للقول بالفعل على مستوى الدعم المعلن للبنان.
تلك الخروقات لم تسقط الهدنة غير المعلنة كما تبدّى لاحقا، في حين بقي البحث عن المخارج محط اهتمام الجميع.
على صعيد السلطة اللبنانية، مازال القرار بالحسم سيد الموقف، لكن على المستوى الفلسطيني فقد تشوشت الصورة حينما تراجع قبول الفصائل بالحسم العسكري الى حدود المعالجة السياسية، وقد تحدث بهذا عباس زكي ووفد الفصائل في لقاء دار الفتوى ظهر امس، وعكس هذا التراجع حجم التناقضات المتنامية بين الفصائل عينها، فحركة فتح لا تعتبر هذه المنظمة فلسطينية ولا اسلامية، بل عبء ملقى على ظهر الفلسطينيين، وبالتالي لا تمانع في حسم الامر معها، بينما تفضل حماس رغم مشاركة مندوبها اسامة حمدان بكل النشاطات والاتصالات عدم الحسم بالسلاح حرصا ـ كما يبدو ـ على صلاتها بـ «المنظمات الشقيقة».
وكان يفترض ان يشارك ابوطارق شقيقه ابومحجن زعيم عصبة الانصار وجمال سليمان مسؤول انصار الله وماهر حمود في الوفد الذي زار دار الفتوى امس، الا ان استبعاد هؤلاء من الاتصالات الميدانية حول مخيم النهر البارد جعلهم يحجمون.
وتقول المصادر المطلعة ان احداث مخيم النهر البارد، الذي يعتبر الممر التسليحي الرئيسي الى الداخل الفلسطيني، تسببت في تبريد العلاقات بين ممثل حركة حماس في لبنان اسامة حمدان وبين المعارضة اللبنانية الى درجة مقاطعته بسبب انفتاحه وعباس زكي على رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة والاكثرية النيايبة اللبنانية والتعامل مع رئيس الحكومة كسلطة شرعية فاعلة في الوقت الذي تعتبره المعارضة رئيس حكومة غير شرعية.
اما النقطة الثانية المستجدة على الموقف الفلسطيني فتتمثل بإلباس شاكر العبسي ومجموعته «طاقية الاخفاء» على طريقة «عصبة الانصار» وزعيمها ابومحجن المختفي تماما منذ بضع سنوات «تجنبا لاسالة الدماء والدمار»، لكن مرجعا رسميا رفض بحزم اضافة تنظيم اصولي آخر مزعوم الى التنظيمات العاملة داخل مخيمات الفلسطينيين في لبنان والتي يمكن ايقاظها بالريموت كونترول من الخارج وفي اي لحظة.
وتحدث المرجع عن لاءات لبنانية حاسمة في هذا المجال، اولا: لا ترحيل لهذه الجماعة خارج لبنان قبل الاقتصاص ممن افتروا على الجيش اللبناني، ثانيا: لا تعايش معها، ثالثا: لا تهاون في التعامل مع مرتكبي الجرائم ضد الجيش وضد الامن، لاسيما بعد مجاهرة تنظيم فتح الاسلام بالجرائم التي ارتكبت بحق اللبنانيين من تفجيرات متنقلة وتوعده بالمزيد.
الصفحة في ملف ( pdf )