«فورين بوليسي»: عقد الكاتب كاميرون عبادي مقارنة بين طريقة كل من الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وشاه إيران المخلوع الراحل محمد رضا بهلوي في وسائلهما لإخماد الثورة الشعبية في بلديهما. وأشار عبادي في مقال نشرته له مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى ما لم يتعلمه الرئيس التونسي المخلوع من نظيره الشاه الإيراني، وجاء في المقال:
كان الرئيس التونسي في وضع لا يحسد عليه في الأسابيع القليلة الماضية، ولم تكن هناك إجابات جيدة لدى الحكام المستبدين حينما يواجهون انتفاضات شعبية، وكان عليه أن يستخلص العبرة ويتصرف بطريقة أفضل بدلا من السير على خطى الشاه محمد رضا بهلوي في الفترة 1978 ـ 1979 في إخماد الثورة في بداياتها.
في الواقع، انكب ابن علي على اختزال سنوات من مسلسل تردد الشاه إلى إطار زمني مدته أسبوع واحد، في البداية كان الإنكار، فقد بدأ الشاه بوصف تظاهرات عام 1978 بأنها مؤامرات توجهها أصابع من الخارج، في حين أن بن علي استهل هذا الأسبوع بالإعلان عن التظاهرات الشاملة على أنها «أعمال إرهابية»، ثم لجأ إلى استخدام القوة المعتدلة لاستعادة النظام والقانون، وفي خريف عام 1978 أعلن الشاه الأحكام العرفية، وشكل حكومة عسكرية.
أما بن علي فقام بفرض حظر التجول الشامل هذا الأسبوع، ويعتقد أنه أصدر تعليماته إلى قوات الأمن باستخدام القوة القاتلة ضد الاحتجاجات المستمرة، ثم لجأ إلى سلسلة متسارعة من التنازلات التي اعتبرت ضئيلة جدا ومتأخرة جدا كذلك.
وفي وقت متأخر من اللعبة، حاول كل من الزعيمين إدخال ترتيبات ليبرالية على حكومتيهما، واتبعا ذلك بإعلان يوصف بأنه مشكوك في دوافعه، وأنه يعتبر مدعاة صريحة واضحة للكآبة والشك في الإعلان عن التعاطف مع المتظاهرين، ففي نوفمبر 1978 قال الشاه عبر التلفزيون «لقد سمعت صوت ثورتكم»، أما بن علي فتوجه إلى التلفزيون ليعلن بقوة «لقد فهمتكم»، وفي النهاية فر كل منهما إلى المنفى، فالشاه هرب إلى مصر في يناير 1979 بينما ذكر أن بن علي هرب إلى مالطا، ثم إلى فرنسا فالسعودية.
ويمكن القول إن الحال لن يكون ورديا بالنسبة لبن علي بناء على ما جرى للشاه الذي طاف العالم بحثا عن ملجأ دائم له من المغرب إلى المكسيك إلى الباهاما إلى الولايات المتحدة، ثم إلى سويسرا، إلى أن وافته المنية أخيرا في مصر.
كانت استراتيجية الشاه المتأرجحة غير الثابتة محل ازدراء وعدم قبول في أعين النظام الحالي في إيران، هذا النظام الذي تسلم الحكم بعد رحيل الشاه لكنه استخدم نفس اساليب الشاه في قمع الشعب، لذلك فقد استخدمت القيادة الإيرانية الحالية التي تناست مصير الشاه أسلوبا قمعيا شديدا متواصلا، وبلا انقطاع حينما واجهت تظاهرات شاملة بعد انتخابات الرئاسة عام 2009حيث انتفض الشعب الإيراني ضد تزوير الانتخابات التي رفعت أحمدي نجاد للسلطة.
وينظر إلى الثورة التونسية الحالية في طهران، وربما في غيرها من العواصم الإقليمية على أنها أقل تذكيرا بقوة العمل الشعبي منه بتأكيد الضعف الشخصي لبن علي في رفضه اختيار نهج واضح والتشبث به والاستمرار فيه.
وإذا ما تعرضت حكومات أخرى لخطر الانهيار، إثر نجاح الثورة التونسية، فيمكن توقع التعامل مع تلك الاحتجاجات إما بيد من حديد، أو بيد من حرير، ولكن ليس بالاثنتين معا بكل تأكيد.