رغم تمسك مجموعة من المحتجين بالبقاء في ميدان التحرير للضغط حتى تطبيق التغيير الشامل، عادت الحياة إلى طبيعتها وازيلت بعض الخيام كما بدت حركة السير شبه طبيعية في الميدان الذي بات بعض المصريين يطلق عليه ميدان الشهداء.
في هذه الاثناء، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى الحكم في مصر بيانه الخامس، حيث تعهد بفترة انتقالية «لمدة ستة اشهر» قد تطول او تقصر قليلا، وقرر حل مجلسي الشعب والشورى وعلق العمل بالدستور الحالي.
وجاء في البيان الذي أذاعه التلفزيون انه قرر تعطيل الدستور وهو اجراء لابد منه من اجل ان يتمكن من اجراء تعديلات دستورية.
مرحلة انتقالية
وأكد البيان ان «المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتولى ادارة شؤون البلاد بصفة مؤقتة لمدة 6 اشهر او انتهاء الانتخابات في البلاد وانتخاب رئيس الجمهورية».
وأوضح البيان ان «رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيتولى تمثيله أمام جميع الجهات في الداخل والخارج» وهو ما يعني ان وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي سيصبح الرجل الاول في البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية.
واكد البيان ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة قرر «حل مجلسي الشعب والشورى» و«تشكيل لجنة لتعديل بعض المواد بالدستور وتحديد قواعد الاستفتاء عليها من الشعب».
كما اعلن المجلس انه سيتولى إصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية».
من جانبه، أعلن رئيس حكومية تصريف الأعمال المصرية أحمد شفيق أمس ان التشكيلة الحكومية لن تتغير وان أسلوب العمل سيبقى كما هو مع التركيز على إعادة الأوضاع الأمنية إلى طبيعتها، مؤكدا ان الوضع الاقتصادي جيد.
وقال شفيق في مؤتمر صحافي إثر اجتماع حكومة تصريف الأعمال الاول امس «لا تغيير في الشكل (شكل الحكومة) ولكن المنهج وأسلوب العمل سيبقيان كما هما».
وأشار إلى أن «اهتمامنا الرئيسي كمجلس وزراء هو الأمن: إعادة الأمن للمواطن المصري وبالسرعة التي نبتغيها وإلغاء الشعور لديه بانتفاء الأمن» مؤكدا ان هذا الأمر سيسير بالتوازي مع تسيير الأمور الحياتية للمواطنين وتأمين الاحتياجات الرئيسية.
وردا على تأخير تعيين بعض الوزراء في الحكومة قال شفيق «نحن غير مستعجلين ولا يجب تحميل الموضوع أكثر من حجمه» مشيرا إلى أنه يريد أن يأخذ الوقت الكافي في هذا الموضوع، مشددا على أن شغور بعض الوزارات لا يؤثر على سير العمل.
وأضاف شفيق ان الحكومة تتعامل حاليا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره المكلف بإدارة شؤون البلاد، مشيرا الى أن الأمور تسير على نحو عادي ويتم رفع الأمور الى المجلس وكأنها ترفع الى رئيس الجمهورية.
اعادة الأمن
وأوضح رئيس الوزراء أنه قد يحدث بعض العثرات أو بعض التأخير نتيجة إغلاق بعض الطرق بسبب المظاهرات أو عدم انتظام السكك الحديدية لكن هذا لا يشكل ضغطا شديدا لأن المادة المطلوب توصيلها للجمهور موجودة ولا قلق عليها.
وأشار الى أن الدولة حاليا مهتمة بإعادة الأمن للمواطن المصري والشعور المفقود للأمن منذ بداية الحركة يتعين وضع حد له بالسرعة والمعدل الذي نبتغيه.
ولفت الى أن الحكومة مهتمة بنفس القدر بالاطمئنان على سير الحياة اليومية وانتظامها من حيث كل المطلوب وما يضمن للمواطن المصري أنه يتوافر بالأسواق.
وشدد شفيق على أن الحكومة تعمل جاهدة على متابعة المشروعات حتى لا يحدث أي تأخير، قائلا: أتصور ان كل أمور الدولة المصرية موضوعة في خارطة لدينا ولكن لدينا أولويات وبتسلسل معين.
وبالعودة الى الوضع في ميدان التحرير، وقبل اعلان البيان 5، قال محمود نصار النشط بحركة «ثورة شباب 25 يناير» في مؤتمر صحافي «الثورة مستمرة ولم تلب مطالبها بعد».
واكد «الاعتصام والاحتجاج نشاط مستمر حتى تلبية المطالب «الجميع مدعوون للمشاركة».
وقال نصار ان حركته تطالب بالافراج فورا عن السجناء السياسيين والغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ 1981 وحل البرلمان والمجالس المحلية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
بدورها، طوقت قوات الجيش المحتجين لفتح طريق لحركة المرور كي تبدأ في التدفق بميدان التحرير للمرة الاولى منذ اكثر من اسبوعين.
وهتف المحتجون «سلمية سلمية» بينما تحرك الجنود وأفراد الشرطة العسكرية لتفريقهم. وشهدت احتكاكات.
وطلب قائد الشرطة العسكرية من المحتجين إزالة الخيام من الميدان وعدم تعطيل المرور.
وقال محمد ابراهيم مصطفى علي قائد الشرطة العسكرية للمحتجين والصحافيين إنه لم يعد مرغوبا في وجود المحتجين في الميدان بعد الآن. وفي الوقت ذاته أزال الجنود الخيام من الميدان.
ويقول الجيش انه يحترم مطالب المتظاهرين، لكنه يدعوهم الى العودة الى منازلهم حتى تعود الحياة الى طبيعتها.
الا ان محمد صلاح وهو أحد المحتجين والذي رفض إزالة خيمته من الميدان قال «لن أترك الميدان. على جثتي. أنا أثق في الجيش لكنني لا أثق فيمن يسيطرون على الجيش وراء الكواليس».
وقالت فاتن حسن وهي من المحتجين إن الوقت قد حان لترك الجيش يؤدي عمله. وأضافت «اذا لم يحققوا مطالبنا فإننا نعرف طريق العودة الى الميدان. المصريون يعرفون الطريق الى اي ثورة يريدون القيام بها مجددا».
ولم تستمر الاحتكاكات التي وقعت في الصباح الباكر طويلا لكن تحرك الجيش الذي دعمه العشرات من افراد الشرطة العسكرية فرق المحتجين الذين كانوا يسيطرون على الميدان الى مجموعات صغيرة.
وبقي نحو الفي متظاهر في الميدان ولاتزال بعض الخيام منصوبة في حديقة بوسطه.
عناصر من الشرطة يتظاهرون
في سياق آخر، تظاهر حوالي 400 شرطي امام وزارة الداخلية للمطالبة بتحسين رواتبهم، ووقعت احتكاكات بينهم وبين جنود الجيش الذين اطلقوا عيارات نارية في الهواء، كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.
وافاد المراسل بأن حوالى 400 شرطي تجمعوا امام وزارة الداخلية للمطالبة برفع رواتبهم، كما طالبوا بإعدام وزير الداخلية السابق وشدد عناصر الشرطة المتظاهرون على انهم تلقوا أوامر بقمع التظاهرات التي انطلقت في 25 يناير بعنف، واشاروا ايضا الى انهم كانوا يتقاضون رواتب متدنية بسبب فساد الحكومة.
وردد الشرطيون المتظاهرون هتافات تطالب بإعدام الوزير السابق حبيب العادلي الممنوع من السفر.
وقال احد عناصر الشرطة المتظاهرين «انا اعمل في الشرطة منذ سبعة اعوام، ولا اتقاضى سوى 664 جنيها (112 دولارا) شهريا، ولدي ولدان، ماذا افعل؟».
وقد التقى محمود وجدي وزير الداخلية بالضباط والأفراد الذين قاموا بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة بوسط القاهرة للمطالبة بتحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية.
وأشار وجدي خلال لقائه بالمحتجين الى أنه فضلا عن قيامه بصرف حوافز مالية لجميع العاملين بالوزارة، وإصداره قرارا بعدم إحالة أي من أفراد هيئة الشرطة للمحاكمات العسكرية في المخالفات الانضباطية والإدارية، فقد أصدر عددا من التكليفات التي سيقوم بمتابعة تنفيذها بنفسه مع القطاعات الشرطية المعنية في أسرع وقت، تحقيقا لأكبر قدر من الرعاية لمختلف أبناء هيئة الشرطة.
وكلف وزير الداخلية مساعدي أول ومساعدي الوزير المعنيين بمضاعفة نسبة أمناء الشرطة المرقين لكادر الضباط اعتبارا من الآن، ورفع قيمة الحوافز المالية لأفراد هيئة الشرطة بنسبة 100%، وعودة جميع أفراد هيئة الشرطة الذين سبق إنهاء خدمتهم لارتكابهم مخالفات انضباطية وإدارية.
كما كلفهم وجدي بالسماح بعلاج جميع أفراد هيئة الشرطة بمستشفيات هيئة الشرطة، وتكليف أجهزة الرقابة والمتابعة بالوزارة بفحص جميع الشكاوى ومظالم أفراد الشرطة موضوعية وشفافية.
وقد وعد وزير الداخلية في نهاية لقائه بعقد اجتماعات دورية مع جميع أفراد الشرطة بمواقع عملهم، للاطمئنان على توفير جميع أوجه الرعاية لهم.