بعد الاحتفالات بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك، بدأت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تلقي بظلالها على مصر لاسيما مع توقف السياحة والنمو والاضرابات المستمرة والبطالة والتضخم، فيما يشهد العالم العربي حالة غليان.
حيث يشعر المصريون بأنهم مفعمون بالأمل. لكن الواقع ليس متطابقا مع ذلك.
وبالفعل، فقد أرجئ بسبب حالة عدم الاستقرار استدراج العروض المتوقع لبناء اول محطة لتوليد الكهرباء تعمل بواسطة الطاقة النووية والتي يفترض ان تلبي الحاجات الضخمة في مجال الكهرباء.
وأعلن رجل أعمال مصري ـ أميركي يملك شركة للهندسة لوكالة فرانس برس «أخشى اننا نسابق الصعوبات والتحديات الضخمة وعلى الرغم من الأمل، فاننا لم نعبر بعد المرحلة الحرجة».
وأضاف هذا الرجل الذي فضل عدم الكشف عن هويته «منذ عقود، لايزال الفساد في صلب النظام، واعتدنا على القول ان الموظف لا يعمل سوى ست دقائق في اليوم»، حيث يوجد في مصر حوالي ثمانية ملايين موظف.
وبالفعل، فالفساد متفش على مستويات عديدة، وان غياب الشفافية والحوكمة الجيدة يأكلان المجتمع المصري. وقد شكل تغيير ومعاقبة المسؤولين احد ابرز مطالب الحركة المطالبة بإحلال الديموقراطية.
ويبدو ان الاستياء لم يهدأ كما يشهد على ذلك تصاعد المطالب الاجتماعية. والجميع يطالبون بزيادات رواتبهم المتدنية، واحيانا يطالبون برأس المسؤولين في شركاتهم، وهو ما دفع الحكومة المصرية الجديدة للتو لـ زيادة 15% على رواتب الموظفين ما يكلف خزينة الدولة قرابة مليار دولار.
واستأنف عمال شركة الغزل والنسيج، اكبر شركة في مصر، العمل أمس الأول بعد حصولهم على زيادة في رواتبهم بنسبة 25% وإقالة مسؤول متورط في الفساد.
وهناك مخاوف حقيقية من التضخم المترافقة مع التصاعد العالمي لأسعار المواد الأولية.
والسياحة، ابرز مصدر للعائدات في البلد، هي القطاع الأكثر تضررا.
فالفنادق خالية حاليا مع نسبة اشغال في القاهرة من 15% مقابل 85% قبل الانتفاضة، بحسب الارقام التي حصلت عليها وكالة فرانس برس. وعلى الرغم من اعلان شركات السياحة والسفر الأجنبية استئناف رحلاتها «إلا ان الموسم فاشل»، بحسب احد اصحاب الفنادق.
ومع حوالي 13 مليار دولار من العائدات، يمثل هذا القطاع نسبة 6% من اجمالي الناتج الداخلي، ويستخدم مباشرة أو بصورة غير مباشرة، 10% من اليد العاملة الفعلية في البلاد.
ويعيش حوالي 40% من الشعب المصري دون عتبة الفقر والحد الأدنى للراتب محدد بنحو 70دولارا في الشهر.
وفي الاجمال، فقد خسر الاقتصاد 310 ملايين دولار على الأقل في الأيام الثمانية عشرة من حركة الاحتجاج. وسينخفض معدل النمو في العام الذي ينتهي في يونيو بنسبة النصف مقارنة بـ 6% متوقعة أساسا، بحسب البنك المركزي وخبراء.
والاقتصاد المصري الذي يستفيد من استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، شهد نموا بنسبة 5.3% العام الماضي، بعد نمو من 4.7% في 09/2008 في أوج الأزمة المالية العالمية، ومعدلات سنوية تقارب الـ 7% في السنوات الثلاث السابقة.
وعودة الثقة والمستثمرين تبقى رهنا بتطور الوضع الاقليمي المتفجر.
أقارب سجناء بمصر يتظاهرون للإفراج عنهم
من جهة أخرى نظم آلاف المصريين من أقارب السجناء مظاهرة أمس الأول أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بوسط القاهرة داعين للإفراج عن ذويهم وقال عدد منهم إنهم سيعتصمون لحين الاستجابة لمطالبهم.
وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر منذ تنحي الرئيس حسني مبارك إن منظمي المظاهرات التي ترفع مطالب فئوية يتسببون في ضرر لاقتصاد البلاد لكن نظمت مظاهرات واعتصامات وإضرابات في القاهرة ومدن أخرى. وقالت شاهدة إن متظاهرين من أقارب السجناء هتفوا «يا مشير يا مشير أنت وعدت بالتغيير كلمة عفو مش كتير».