خرج مئات الآلاف من المحتجين إلى شوارع اليمن أمس محاولين اجتذاب حشود ضخمة تظهر للرئيس علي عبدالله صالح إن عروض الإصلاح التي طرحها لن تخفف مطلبهم باستقالته.
وفي جامعة صنعاء نقطة انطلاق الاحتجاجات في العاصمة تضخمت الاحتجاجات وتدفق اليمنيون على الشوارع حتى أنهم تكدسوا في أزقة ضيقة وامتدت صفوفهم على مسافة كيلومترين تقريبا.
وجاءت المظاهرات بعد اقتراح صالح أمس الأول إعداد دستور جديد يطرح للاستفتاء في غضون عام ووضع قوانين انتخابية جديدة لضمان تمثيل عادل.
ورفضت شخصيات معارضة العرض قائلة إنه جاء متأخرا جدا وأدنى بكثير من الطلبات.
وقال محتجون في صنعاء اصطحب كثيرون منهم أبناءهم في يوم أطلقت عليه المعارضة «جمعة اللا عودة» إنهم عازمون على إنهاء حكم صالح المستمر منذ 32 عاما.
وأخذ المحتجون يرددون هتافات ضد صالح وحمل كثيرون منهم لافتات تطالب برحيله.
في المقابل وفي ميدان التحرير بالعاصمة رفع عشرات الآلاف من الموالين لصالح صورا للزعيم البالغ من العمر 68 عاما وعبروا عن تأييدهم له مرددين «نعم للحوار.. لا للفوضى».
وفي محافظة مأرب بوسط اليمن قال سكان لـ «رويترز» إن مئات اليمنيين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بمقابل مادي لحضورهم كلمة صالح في صنعاء أمس.
وذكرت صحيفة «مأرب برس» أن المحتجين كانوا قد تلقوا وعودا بالحصول على 50 ألف ريال يمني (233 دولارا) لكنهم حين لم يحصلوا عليها بدأوا يهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام».
وفي وقت سابق أمس قال سكان في محافظة إب ـ إلى الجنوب من صنعاء ـ إن رجالا ملثمين ألقوا قنبلة على مقر حزب معارض بارز. ولم يصب أحد.
وفي مقابلة من المقرر أن تنشرها مجلة مدعومة من الدولة اليوم السبت حث السفير الأميركي جيرالد فايرستاين المحتجين على المشاركة في حوار مع الحكومة بشأن مستقبل اليمن.
وتساءل السفير «سؤالنا دائما.. إذا رحل الرئيس صالح فما الذي سوف تفعلونه في اليوم التالي؟»
من جهة أخرى، عزل الرئيس علي عبدالله صالح ضابطا ينحدر من قبيلته وأحد أقدم القيادات العسكرية في اليمن وهو اللواء عبدالإله القاضي إثر امتناعه عن قمع المحتجين.
وقال نجل اللواء البرلماني محمد عبداللاه القاضي امس لموقع «المصدر اون لاين» المستقل ان عزل والده قائل محور العند جاء بسبب رفضه قمع المحتجين المطالبين بإسقاط الرئيس صالح، وأضاف القاضي الذي ينحدر من قبيلة الرئيس صالح «سنخان» شرق صنعاء «ان قرار عزل والدي بسبب موقفه الرافض لاستخدام الجيش في قمع المحتجين السلميين في المحافظات التي يتواجد فيها لواؤه العسكري».
وتابع «قناعة الوالد وعقيدته العسكرية ان الجيش يحمي تراب الوطن ويرابط على الثغور ويحمي المؤسسات وليس وسيلة لقمع أبناء الشعب».
وقال مصدر سياسي مطلع ان عزل القاضي يأتي في ظل انقسام تجاه الأحداث المطالبة بتنحي صالح وصلت الى قبيلته بعد ان كانت قد اندلعت تظاهرات مماثلة الأسبوع الماضي لقبيلة شعسان إحدى القبائل التابعة لقبيلة سنحان التي ينحدر منها صالح.
في هذا الوقت، رحب الاتحاد الأوروبي بالمبادرة التي أعلنها الرئيس اليمني، أمس الأول بشأن حل الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، وأعتبرها خطوة نحو الأمام، وطالب كل القوى السياسية اليمنية بالإسراع في الحوار بشأنها.
وقالت الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمنية ـ نائب رئيس المفوضية الأوروبية كاثرين أشتون في بيان أصدرته أمس في بروكسل «لقد تابعنا بتمعن المبادرة التي أعلنها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وقدم من خلالها مقترحات للإصلاح الدستوري والانتخابات، ونرى أن هذه المبادرة تمثل خطوة نحو الأمام».
ودعت في البيان الذي نقله راديو الجمهورية اليمنية، كافة الأحزاب في اليمن إلى الإسراع الى حوار بناء وشفاف، لعكس مقترحات المبادرة في أقرب وقت ممكن إلى خطوات ملموسة تلبي طموحات الشعب اليمني، وأكدت ضرورة أن يسهم هذا الحوار في تعزيز مسيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ينشدها الشعب اليمني وألا يكون عائقا لها.
وعبرت أشتون عن القلق البالغ لأحداث العنف وما رافقها من تصعيد واستخدام القوة في بعض الاحتجاجات التي شهدها اليمن مؤخرا، وأكدت أهمية أن تقوم السلطات اليمنية بدورها في حماية المتظاهرين سلميا وضمان حقهم في حرية التجمع والتظاهر السلمي، كما أكدت في الوقت نفسه ضرورة أن تتحلى جميع الأطراف بالهدوء وضبط النفس وتجنب العنف.