صدر مؤخرا كتاب جديد للدكتورة بتول الموسوي بعنوان «السياسة التركية تجاه منطقة الخليج العربي منذ عام1991 وآفاقها المستقبلية».
ويشتمل الفصل الأول من الكتاب على مدخل عام للسياسة التركية وأبعادها تجاه منطقة الخليج العربي، وترى د.الموسوي انه من الصعب فهم التطورات الحاصلة على الساحة الخليجية بمعزل عن بيئتها الأوسع المتمثلة في الساحة العربية، ولهذا تم تخصيص المبحث الأول لدراسة السياسة التركية تجاه الوطن العربي عموما منذ نهاية السيطرة العثمانية على المنطقة العربية والتي امتدت نحو أربعة قرون كتمهيد يضع القارئ في صلب البواكير الأولى للعلاقات العربية ـ التركية بعد نشأة تركيا الحديثة عام 1923، واستقلال الدول العربية على فترات مختلفة من القرن العشرين، فقدمت د.الموسوي لمحة تاريخية عن أهم مفاصل العلاقات العربية ـ التركية خاصة بعد الجمود الذي شاب هذه العلاقات في النصف الأول من القرن العشرين، فضلا عن المتغيرات السياسية والاقتصادية المؤثرة في طبيعة هذه العلاقات.
اما المبحث الثاني فقد تضمن بحث موضوع السياسة التركية تجاه منطقة الخليج العربي حتى عام 1991 ودراسة أهم التطورات التي طرأت على السياسة التركية تجاه هذه المنطقة أثناء هذه المدة، من خلال التطرق الى أهمية منطقة الخليج العربي في المنظور الاستراتيجي التركي، كذلك موقف تركيا من الحرب العراقية ـ الإيرانية وأبعاد وتأثيرات هذه الحرب على تركيا وعلاقاتها في المنطقة.
وترى د.الموسوي في هذا الصدد ان تركيا استفادت سياسيا واقتصاديا خلال هذه الحرب بعد ان تبنت مبدأ الحياد مما جعلها منفذا اقتصاديا للطرفين المتحاربين، اذ تقول: «اكتسبت تركيا أهمية بالغة في المنطقة من وجهة نظر واشنطن التي سعت الى استخدام تركيا كمعبر الى إيران في مرحلة مابعد الخميني، مستفيدة من تلك العلاقات التي تمكنت تركيا من بنائها مع إيران أثناء الحرب».
أما المبحث الثالث فقد سلط الضوء على التطورات الحاصلة في السياسة التركية تجاه الخليج العربي على اثر انتهاء الحرب الباردة.
اذ ترى الموسوي ان أزمة الخليج وفرت فرصة ذهبية لتركيا، لإعادة ترتيب أوضاعها السياسية في المنطقة عموما والخليج العربي بشكل خاص لاسيما بعد الفراغ الاستراتيجي الذي نجم عن تدمير قوة العراق العسكرية وفرض حصار اقتصادي شامل عليه.
أما الفصل الثاني فقد تضمن استعراضا للعوامل المؤثرة في السياسة التركية تجاه منطقة الخليج العربي، وقد تم تقسيمه ايضا الى ثلاثة مباحث: اختص المبحث الأول منها بدراسة العوامل الجيوستراتيجية لكونها من اهم العوامل المؤثرة في الإستراتيجية التركية تجاه المنطقة، وفي هذا الصدد تقول د.الموسوي: «يعد كل من تركيا ودول الخليج العربي من اكثر الدول تأثرا بالموقع الجغرافي اذ يمثل كل منهما نقطة ارتكاز جيوستراتيجية ضمن منطقة الشرق الاوسط»، وقد تم التطرق خلال هذا المبحث لعاملين يمكن تصنيفهما ضمن العوامل الأمنية الاول: دور تركيا في قوة الانتشار السريع في منطقة الخليج العربي والثاني: تحدث عن دور الامن المائي لاسيما مشروع «انابيب السلام» الذي اقترحت تركيا من خلاله ان تزود دول الخليج العربي بالمياه، ثم بعدها بحث العوامل السياسية والاقتصادية ودراسة تأثيرها في السياسة التركية تجاه الخليج العربي. اذ قدمت المؤلفة استعراضا لقيم التبادل التجاري فضلا عن التوقف عند الاستثمارات المتبادلة بجميع أشكالها. ويتطرق الفصل الثالث من الكتاب إلى علاقة تركيا بأمن الخليج العربي من خلال ثلاثة مباحث اختص اولها بدراسة ارتباط الدور التركي بالدور الأميركي في الخليج العربي وما يشكله هذا الارتباط من مخاطر على أمن الخليج العربي وفي هذا الصدد تقول د.الموسوي: «بمرور الوقت ادركت الولايات المتحدة اهمية الموقع المرموق لتركيا في تنفيذ الإستراتيجية الأميركية في المنطقة وعدم امكانية الاستغناء عن الدور التركي في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا منطقة الخليج العربي» اما المبحث الثاني فقد بحث التنافس التركي ـ الإيراني في المنطقة واثر هذا التنافس في منطقة الخليج العربي، بينما اختص المبحث الثالث بدراسة أمن الخليج في مشاريع التعاون التركي ـ الإسرائيلي، لاسيما اتفاق عام 1996 واثاره السياسية والاقتصادية.