بيروت - عمر حبنجر
عشية الجلسة الثامنة لانتخاب الرئيس اللبناني العتيد، تبدو الصورة اكثر غموضا، ومناخ التأجيل مجددا الذي توقعته «الأنباء» منذ الجمعة الماضي حاضرا بقوة في ظل الاستحالات المطروحة في طريق تعديل الدستور الذي هو الممر الالزامي لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بعد ان اجمعت المعارضة والموالاة على ترشيحه.
واذا تجاوزنا الاحتمالات الممكنة جراء التحرك السوري باتجاه الاردن والتحرك الايراني باتجاه لبنان استنادا الى وصول المدير العام للخارجية الايرانية علي اكبر محمدي الى بيروت، فإن ثمة موقفين يلخصان الوضع، الاول لرئيس المجلس نبيه بري يؤكد فيه ان الاصرار على مرور التعديل الدستوري من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير ممكن، والثاني لرئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي اكد من جهته ان الحكومة ممر الزامي لتعليق المادة 49 من الدستور او تعديلها.
هذا التعارض افضى الى فرملة اتجاه نواب الاكثرية الى توقيع عريضة من سطرين تطالب بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور لتتيح انتخاب العماد سليمان رئيسا، وحتى الساعة مازالت هذه العريضة بلا تواقيع بعدما اعتبر الاكثريون انهم ليسوا ملزمين بإعطاء الرئيس بري عريضة يوظفها في مكان مجهول، ولأنهم لن يقبلوا بأي تهاون في الاحوال الدستورية التي توجب ان تكون الحكومة شريكا اساسيا ملزما، وهو الامر الذي يعرفه رئيس المجلس كما يعرف المعارضون خطورة تعريض الرئيس الجديد للطعن بانتخابه، كما تقول قوى 14 مارس.
الاكثرية عينها اكدت عدم تنازلها عن الحق بتسمية رئيس الحكومة العتيدة عن طريق الاستشارات النيابية الملزمة التي على رئيس الجمهورية الجديد ان يجريها فور انتخابه.
الأكثرية واقتراح الحسيني
تقول مصادر الاكثرية انها اجرت دراسة لاقتراح رئيس البرلمان السابق حسين الحسيني تعليق الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور، ووجدت بعد استشارة قانونيين كبار ان تعليق مادة في الدستور بحاجة الى العبور في مجلس الوزراء، وبذلك فإن اي تفرد من مجلس النواب مرفوض رفضا قاطعا.
بالمقابل، قالت اوساط بري انه في ظل استمرار العوائق الدستورية وعدم وضوح آلية التعديل قد يلجأ الى الاقتراح الآخر والذي تقدم به سابقا والذي يقضي ان يتم التعديل في مجلس النواب.
وقال بري لصحيفة «السفير» ان الاصرار على مرور التعديل من حكومة السنيورة لا يمكن ان يمشي، وانا من المستحيل ان اعطي دورا لحكومة ليست شرعية، لقد بقينا سنة على موقفنا ولن نأتي لنضيعه الآن.
بري قال ان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ابلغ احد معاونيه عشية مغادرته ان فريق الاكثرية وافق على آلية التعديل الدستوري دون المرور في الحكومة، وتساءل: لا ادري لماذا انقلب الموقف، فهم يريدون اكل العنب ام قتل الناطور؟
قناة «ان.بي.ان» التي يشرف على سياستها رئيس مجلس النواب قالت ان اقتراح الحسيني ينسجم تماما مع الاجتهادات الفرنسية وقرارات المجلس الدستوري، لاسيما منها القرار رقم 2 الصادر عام 1947 والقرار رقم 4 الصادر عام 1996، وهذا ما رد عليه الوزير خالد قباني والنائب نقولا فتوش.
الوزير قباني، وهو استاذ للقانون في الجامعة اللبنانية قال ردا على سؤال امس ان اي ترتيب يتناول المادة 49 من الدستور، سواء بالغاء الفقرة الثالثة او تعديلها او تعليقها او توقيف العمل بها ايا كانت العبارات المستعملة والمفردات لا يمكن ان يتم من خلال قانون عادي يصوت عليه مجلس النواب، بل لا بد من وضع مشروع قانون دستوري في مجلس الوزراء ليأخذ طريقه الى الشرعية، وبالتالي لا بد من تطبيق الآلية الدستورية بحسب ماينص عليه الدستور اي اما ان يبدأ التعديل من خلال الحكومة باتجاه مجلس النواب او العكس، وبالتالي لا يمكن استبعاد الحكومة عن هذا الاجراء الدستوري.
بدوره، قال النائب د.نقولا فتوش، وهو من الاكثرية: نحن امام نصوص دستورية، والمعروف ان الدستور لا يجوز التوسع في تفسيره، وفي تفسير النصوص الدستورية لا يجوز اعتماد القياس، وان القرارين الصادرين عن المجلس الدستوري اللذين تذرع بهما (الرئيس حسين الحسيني) لا يتعلقان بتعديل الدستور، واضاف: ان الدستور نص في الباب الثالث وفي الفقرة ب على تعديل الدستور وفقا لاحكام المادة 76 التي تنص على: يقترح رئيس الجمهورية، فتقدم الحكومة مشروع القانون بالتعديل الى مجلس النواب، وتنص المادة 77 على ان مجلس النواب يطلب التعديلات الدستورية من مجلس الوزراء، اي ان مجلس النواب لا يستطيع منفردا اجراء التعديل الدستوري، واذا رفضت الحكومة التعديل واصر مجلس النواب فإن على رئيس الجمهورية ان يطالب الحكومة اما الاستجابة او حل مجلس النواب.
اما الحديث عن تعليق الدستور فهو قول يشكل تحايلا على القانون وتجاوزا لحدود السلطة، وهو منعدم الوجود.
أبي نصر: المشكلة سياسية
اما النائب نعمة ابي نصر (كتلة عون) فقد اعتبر ان المشكلة سياسية وليست دستورية، وان المعارضة لا تعترف بهذه الحكومة، لكن اذا حصل وفاق يعود الوزراء المستقيلون عن استقالتهم ويعترفون بالحكومة، فيتحفظون حول بعض قرارات الحكومة اولا، وهنا بيت القصيد.
النائب ناصر نصرالله (امل) دافع من جهته عن اقتراح الرئيس بري حول حصر التعديل بالمجلس النيابي، وقال ان الرئيس بري لا يريد تجاوز الحكومة، انما مصلحة البلد.
النائب روبير غانم احد موقعي المذكرة المرفوعة الى رئيس مجلس النواب قال: اذا اردنا ان نحافظ على الآلية الموجودة في الدستور للتعديل فيجب ان يمر هذا التعديل في الحكومة، وعلى الحكومة ان تضع مشروع القانون وتعيده بأكثرية الثلثين الى مجلس النواب للمصادقة، ومادام هناك توافق على انتخاب العماد سليمان فهذا التوافق يجب ان يترجم بعودة احد الوزراء او اكثر مع كل تحفظاته على الحكومة لفترة وجيزة لاتمام تعديل الدستور.
وختم بالقول: انا لا اعتبر ان فريق المعارضة يتنازل اذا عاد للحكومة سحابة ربع ساعة.
الحريري يرد اقتراح الحسيني
وقال رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ردا على اقتراح الحسيني انه لا معنى لتعليق المادة 49 من الدستور، لأن التعليق ايضا يحتاج الى تعديل، اي للمرور عبر الحكومة. واضاف لـ «السفير»: نحن اتينا بالحل، لكن الآخرين للاسف لم يقدروا هذه المبادرة، نحن مع تعديل الدستور من اجل انقاذ البلد، لكننا نرفض خرق الدستور من اجل النكايات السياسية. ولفت الحريري الى ان الجدل حول حكومة السنيورة عبثي، فعلى يدها تمت انتخابات نيابية فرعية اعترف الجميع بها وتمت تعيينات في الوزارات التي يشغلها وزراء مستقيلون، وان معظم الوزراء المستقيلين يداومون في مكاتبهم باستثناء الوزير محمد فنيش الذي التزم بقرار استقالته.
الصفحة في ملف ( pdf )