عواصم ـ رويترز: في الصراع الدائر بليبيا حيث تنهال الاتهامات المتبادلة وتحولت المزارع الى ساحة معارك، لا يوجد اي شك في سقوط خسائر بشرية أيا كانت طبيعتها وأعدادها.
كان المشهد مروعا وفوضويا في بلدة زليتن الساحلية أمس الأول بعد أن تزاحم المصورون ومسؤولو الحكومة في مشرحة صغيرة شديدة الحرارة بأحد المستشفيات مستعينين بالأوشحة أو الأقنعة الورقية لتغطية أنوفهم من الرائحة التي تزكم الأنوف.
كانت المشاهد أكثر سوءا بينما كان العاملون في المشرحة يخرجون عددا من الجثث من الحقائب التي كانت ملقاة بشكل عشوائي على الأرض. أشلاء متناثرة مغطاة بالدماء والأتربة. وقدم موضوعة من الجهة العكسية مع جثة أحد الأشخاص ومنظر مفجع لرضيع مازال يرتدي الحفاضات.
وزعمت حكومة القذافي ان أحدث الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي قتلت عشرات المدنيين مما قد يسبب المزيد من التوتر في حملة جوية غربية بدأ يتراجع عنها التأييد ولا تظهر لها نهاية واضحة قريبة.
في المقابل قال حلف شمال الأطلسي «الناتو» الذي يتهم قوات القذافي بالاحتفاظ بمعدات عسكرية وسط المدنيين إن جنودا ربما قتلوا في الغارة التي قال إنها ضربت منطقة للتخطيط العسكري إلى الجنوب من زليتن حيث يأمل مقاتلو المعارضة تحقيق تقدم في ظل جمود في مواجهة قوات القذافي.
وفي حين أن قوات حلف شمال الأطلسي قالت إنه ليس هناك دليل على مقتل مدنيين في الغارة إلا انه مستحيل فعليا بالنسبة للحلف التحقق من طبيعة القتلى في مثل تلك الهجمات.
بموازاة ذلك مازالت ذكريات القمع الوحشي الذي استخدمته الحكومة ضد المعارضين للقضاء على انتفاضة في بلدة الزاوية في وقت سابق من العام تطاردهم وهم يخططون لهجوم على البلدة.
وقال المقاتلون الذين سيطروا على منطقة بئر الغنم الصحراوية القريبة مطلع الأسبوع الحالي إنهم شهدوا فظائع واسعة النطاق قبل أن يفروا من الزاوية وإنهم مصممون على تحريرها من سيطرة الحكومة.
وانتفض سكان البلدة ضد حكم القذافي وقضوا أسابيع بعد ذلك في قتال قوات الأمن التي كانت تحاول استعادة السيطرة.
ومازال المعارضون الذين قاتلوا قوات القذافي هاربين أو في السجن منذ ذلك الحين وتسيطر القوات الحكومية بإحكام على البلدة لذا لا يتوافر الكثير من التفاصيل حول الطريقة التي قمعت بها قوات الأمن الانتفاضة في الزاوية.
لكن مجموعة كبيرة من المعارضين من الزاوية احتشدوا في الصحراء جنوبي بلدتهم للإعداد لهجوم وظلوا يعيدون إلى أذهانهم ما حدث.
وتذكر طارق جلال (19 عاما) الذي ترك المدرسة ليصبح مقاتلا الفترة التي هرعت فيها قوات القذافي إلى الزاوية لسحق الانتفاضة. وقال «عددت نحو 120 دبابة و75 عربة مزودة بأسلحة مضادة للطائرات. أطلقوا النار دون تفرقة على الحشود والمنازل وعلى المعارضين والمدنيين. كان هناك الكثير من الجثث والدماء على الأرض».