أبيدجان ـ أ.ف.پ: يعاني متحف الحضارات في ساحل العاج من تداعيات النهب الذي تعرض له خلال معارك أبريل الماضي في أبيدجان والذي طال مئات التحف التقليدية «النادرة والأصيلة»، وتقول مديرته سيلفي ميمل كاسي بأسى «لقد محي جزء من تاريخنا».
وقبل أشهر قليلة من التقاعد، يتحسر زوكو دجوا امين هذا المبنى الابيض المشيد على الطراز الاستعماري طوال ثلاثين عاما، قائلا لوكالة «فرانس برس»: «حلمت أن أترك للأجيال المقبلة متحفا مرجعيا».
خلال المواجهات التي اتت في أوائل أبريل بعد أربعة أشهر من أزمة دامية تلت الانتخابات، وقع المتحف ضحية موقعه غير الملائم، فهو يقع عند المدخل الغربي لحي بلاتو حيث القصر الرئاسي وفي جوار معسكر غالييني، المقر العام لهيئة أركان الجيش. وقد خلفت قذيفة شقا هائلا في مدخل المتحف.
في الداخل، لابد ان يشعر هواة الفنون في ساحل العاج بالأسف الآن عند زيارة صالة العرض التي كان غنى الأساليب الجمالية يعكس تنوع السكان في هذا البلد.
فآثار الرصاص واضحة على الواجهة المزدوجة التي كانت تحتوي على السيوف الملكية لشعب «اني» من شرق البلاد والصناديق الزجاجية مبعثرة على الأرض وفارغة.
وفي وسط الغرفة، لم يعد الهيكل العظمي القديم لفيل والذي يعتبر الشعار الوطني للبلاد، يزين إلا القليل من الأقنعة والتماثيل الصغيرة.
فقد تمكن السارقون من نهب التحف الرئيسية في المجموعة التي تضم حوالي أحد عشر ألف تحفة معظمها من الحقبة الاستعمارية، قلادات من القرن السابع عشر وتماثيل وتيجانا ومراوح لإبعاد الذباب ذات قبضة ذهبية وأقنعة مقدسة من وسط البلاد وغربها وشمالها.
تقول مديرة المتحف إنها «خسارة كبيرة جدا»، مقدرة قيمة «التحف الأصيلة الفريدة والنادرة» التي سرقت بثلاثة مليارات فرنك افريقي (4.5 ملايين يورو).
وأطلق المتحف مذكرة بحث عبر منظمة الشرطة الدولية (انتربول) من دون قناعة كبرى ورفع شكوى ضد مجهول، داعيا الشعب عبر الصحافة الى «التعاون».
لكن فرص العثور على التحف المنهوبة ضئيلة، على ما يقر جول ايفاريست توا، بروفيسور الاتصالات في جامعة أبيدجان، ويقول «يمكننا تذويب الذهب أو انشاء مجموعة خاصة (من القطع المنهوبة). ما نخشاه هو ألا نراها مجددا».
وينتظر المتحف الذي أقفل أبوابه إعادة تأهيله، خصوصا لتعزيز أمنه، علما أنه يتمتع بميزانية محدودة قدرها 50 مليون فرنك افريقي (حوالي 76 ألف يورو) وقد هجرته العامة على مر السنين.
ويقول الحارس الأمني جان كلود أنييمان «نحتاج إلى نظام إنذار وأسلحة».
لكن الأصعب في عملية النهب هذه يبقى خسارة البلد لهويته بينما يحاول الخروج من أزمة استمرت عشرات السنين وشهدت توترات داخلية حادة.
وتشدد سيلفي ميمل كاسي على أن «ساحل العاج كله» أصبح مكشوفا، مذكرة أن «كل تحفة فنية تحمل معلومات كثيرة وتكشف كل شيء عن الثقافة والحضارة والمعتقدات التي نشأت فيها».
أما الشاعر والكاتب بول أهيزي فيعتبر أن النهب «تدنيس لروح الأسلاف»، مشيرا إلى أن «المتحف مكان مقدس تماما كالكنائس والمساجد».