مر نحو ثماني سنوات منذ أن اتفقت الهند وباكستان على وقف لإطلاق النار في كشمير وهي فترة تكفي للسكان لبناء منازل وزرع حقول حتى أطراف واحدة من أكثر الحدود تسلحا في العالم.
لكن بالنسبة للجنود الذين يحرسون الحدود المتنازع عليها فإنه سلام هش يمكن ان ينهار في أي وقت.
قال ضابط في قوة امن الحدود الهندية «لا يمكنني وصف العلاقة على الحدود بالودية، نصفها بأنها عملية» متحدثا طالبا عدم نشر اسمه بسبب حساسية عمله على الحدود. والآن بينما تعكف الهند وباكستان على عملية سلام متقلبة وتحاولان تحديد كيفية فتح الحدود للتجارة والسفر فسيكون الوضع في أماكن مثل سوتشيتجار هو الذي سيحدد خطوات هذا التقارب.
وفي يونيو اندلعت اضطرابات في المنطقة عندما فقدت قوة أمن الحدود جنديا وألقت باللوم على نيران قناصة باكستاني، ونفت قوة الحرس الباكستاني التي يقف أفرادها على مسافة تسمح لهم بإطلاق النار تورطها ولمحت إلى احتمال أن تكون قضية داخلية.
ورد الهنود باطلاق نيران أسلحة صغيرة لكن هذا التبادل لإطلاق النيران استمر ساعة ليس اكثر، وتناقض ذلك مع تبادل نيران المدفعية بين العدوين اللدودين بامتداد خط السيطرة في كشمير قبل وقف إطلاق النار في نوفمبر تشرين الثاني 2003 والذي كان يحدث يوميا في بعض الأحيان.
ومنذ ذلك الحين سرى سلام فاتر على الحدود المتعرجة التي تبدأ في سوتشيتجار في الوديان الجافة بمنطقة جامو وحتى مرتفعات كشمير الوعرة.
وقال الضابط وهو يجلس داخل خيمة على بعد 100 متر من المعبر الحدودي الذي يضم بوابتين يرفرف فوقهما علما البلدين «لسنا في حالة استنفار شديدة لكن لا يمكننا أن نخفف من حذرنا في الوقت ذاته، ولو للحظة واحدة».
وكلتا البوابتين ـ الهندية باللون الأزرق الداكن والباكستانية باللون الأخضر الداكن ـ محكمتا الغلق ولا تستخدمان إلا عندما يحتاج القادة إلى العبور لعقد اجتماعات عسكرية أو السماح لأعضاء مجموعة المراقبة العسكرية التابعة للأمم المتحدة التي تشكلت بعد الحرب الأولى على كشمير في 1947 ـ 1948 بالتنقل بين البلدين.
وينظر جندي وحيد من قوة أمن الحدود من فوق مخبأ أقيم على مصطبة في مبنى يعود إلى عهد الاستعمار البريطاني والذي كان مركزا للجمارك لقطارات البضائع القادمة من مدينة سيالكوت الباكستانية الآن من مكان ليس ببعيد عن الحدود.
وتتيح هذه النقطة تغطية من النيران لسلسلة من المخابئ المحفورة في أرض مرتفعة بمكان ليس ببعيد عن خط الجبهة لمنع دخول المتسللين من المتشددين الذين يحاربون الحكم الهندي في كشمير.
وهناك خط دفاع ثان إلى الوراء يتمثل في سور مزدوج من الأسلاك الشائكة ارتفاعه بين 2.5 و3.6 امتار أقامته الهند بامتداد الحدود الممتدة لمسافة 2900 كيلومتر من كشمير إلى جوجارات.
وهذا السور مكهرب ومتصل بشبكة من أجهزة الاستشعار وأجهزة التصوير الحراري وأجهزة إنذار تقول الهند إنها أدت إلى منع تسلل المتشددين إلى كشمير هذا الصيف للمرة الأولى منذ بدء الثورة على الحكم الهندي في كشمير عام 1989.
وقال سواران لال وهو رئيس قرية سوراتجار الذي يقود الجهود المدنية لحراسة الحدود «لا يمكن أن يمنعهم السور من محاولة الدخول لكنه يبطئهم ويتيح لجنودنا الوقت اللازم للرد».
وساعد وقف إطلاق النار الهش على فتح الحدود لكن فقط في إطار محدود، وفي 2008 اتفقت الحكومتان على السماح بحركة تجارة وسفر محدودة بين شطري كشمير اللذين يسيطران عليهما مذعنين بذلك لمطلب قديم من السكان الذين يصفون أنفسهم بأنهم محاصرون بين الجيشين الكبيرين.
وحركة التجارة التي تقتصر على 21 بندا فقط صغيرة ويعوقها أنها لابد أن تتم عبر نظام للمقايضة لأن الحكومتين لا يمكنهما قبول عملة الطرف الآخر أو حتى عملة دولة ثالثة في كشمير.
ويخشى البلدان من أن قبول أي من هذه الإجراءات قد يعني التنازل عن الحق الذي يطالبان به بالحصول على المنطقة كلها.
وترك للتجار تحديد أساليبهم الخاصة مع تبادل البضائع باستخدام صيغهم لحساب قيمة الروبية الباكستانية مقابل الروبية الهندية.
لكن يظل ذلك انفتاحا مبدئيا يعتقد كثيرون أنه ربما يكون الطريق لإنهاء هذا الجمود السياسي المستمر منذ 60 عاما بسبب كشمير، وقال شكيل قلندار وهو رئيس سابق لاتحاد غرف صناعات كشمير «حتى الأثر النفسي لفتح الحدود هائل».
وأضاف «طوال 50 عاما كان المسار الوحيد المفتوح لنا هو الجنوب حتى الآن، الآن فتحت نافذة لكشمير غير المقسمة».
وكان التخفيف من الوضع على الحدود في كشمير عبر تسهيل التجارة والسفر أساس مسودة خارطة طريق لعام 2007 وافق عليها مبعوثون من الهند وباكستان سرا لكنها فشلت بسبب استغراق الحكومتين في صعوبات في الداخل.
وفي الشهر الماضي اتفق وزير خارجية كل من البلدين على زيادة عدد أيام التبادل التجاري في نقطتين على الحدود في كشمير من يومين إلى أربعة أيام أسبوعيا والنظر في طلبات عبور الحدود خلال 45 يوما بدلا مما بين ثلاثة وأربعة أشهر كما هي العادة.
وقال ارجيماند حسين طالب وهو خبير تنمية مستقل من كشمير ومقيم في سريناجار العاصمة الشتوية للولاية «يمكن أن يبذلوا جهدا أكبر لكشمير لكن الثقة مفقودة، إنهم يتخذون خطوتين للأمام ثم يتراجعون بهدوء خطوة للوراء».