Note: English translation is not 100% accurate
«الأنباء» في جولة على قرى الشريط الحدودي: الدولة أكبر الغائبين أمام خروقات إسرائيل ومراقبة «اليونيفيل»
الخميس
2006/10/5
المصدر : الانباء
الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعضهم عاد الى الديار وكثيرون غادروا البلدة في انتظار ان تنجلي الاجواء وان تضمد الجراح بعيدا عن مرأى من القاتل الاسرائيلي على بعد أمتار، فوحدها المجزرة عابقة بدماء المشهد، تحتل الدماء زوايا المنازل في مروحين، 23 شهيدا قضوا في مجزرة استهدفت باصا كان يقلهم من مروحين الى جهة آمنة بعد تحذير الجيش الاسرائيلي بضرورة اخلاء البلدة، ضمت المقبرة الجماعية رفاتهم أو بالأحرى أشلاء جثثهم.
منازل بأكملها تبيت على ظلمة كئيبة حد الموت وبيوت ابتلعتها الصواريخ الاسرائيلية واحالتها اشلاء في تلك البقعة الحزينة، تواصل ام محمد العبدالله التي فقدت وحيدها وحفيدتها الحياة متشحة بالسواد لا كهرباء ولا ماء متوافران في البلدة، والدمار مازال على حاله في انتظار ان تصل جرافات الدولة لإزالة آثار الموت المتفشي داخل كل منزل.
تصف أم محمد الوضع المعيشي بالصعب، لاسيما بعد ضرب مواسم الدخان والزيتون، متسائلة عن تواجد الدولة بعد وقف اطلاق النار.
وحده المدفن الجماعي لشهداء المجزرة يوجز عمق المأساة حيث «البيك اب» المحترق بشهدائه يبدو كنصب تذكاري الى جانب المدفن.
تجول أم محمد في الأرجاء وتشير إلى الضحايا وتتبين وجوههم وأسماءهم بأسى الغياب المضني: «مجروحين، شو بدنا نقول وشو بدنا نحكي؟» وتشير بكفيها إلى المقابر الكثيرة، متمنية الا تكون عائلة ابنها قد أتت لقضاء الصيف في البلدة.
لا شيء في تلك الجغرافيا المسكونة بالدماء يوحي ببوادر حياة سوى بعض المحاولات الحثيثة لانقاذ ما يمكن انقاذه من التبغ الذي توضبه ام رضا الخالد في صناديق خاصة لبيعه، لافتة الى انها بقيت طوال أيام الحرب صامدة مع زوجها وأبنائها في البلدة، حتى الاسبوع الاخير، حيث نزحت مع عائلتها الى مركز الأمم المتحدة وأمضت معهم نحو أسبوع قبل وقف اطلاق النار.
تصل المساعدات الى مروحين، الا ان المسح الضروري للمنازل لم يزل ينتظر في حين ان المدرسة الوحيدة في البلدة أغلقت ابوابها لعدم توافر العدد الكافي من الطلاب الذين لم يتعدوا الطلاب العشرة كحد أقصى، في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
نحو جنوب الجنوب، تطل أميرة الشريط «بنت جبيل».
على أبواب شهرين من وقف اطلاق النار، لم تزل تلك البلدة المقاومة ترزح تحت عبء دمار هائل. مثلث التحرير الذي تحول اسمه الى مثلث البطولة هو الأكثر شهرة حيث شهد أعتى المعارك وهو يمسك بأطرافه بنت جبيل وعياتا شمالا وعيترون جنوباً.
مؤسسات تجارية بالجملة ومنازل تراثية سويت بالأرض، وحدها، ملامح المقاومة تمضي وتغيب كل الخسارات.
يذكر أحدهم يوم أطبقت المقاومة على وحدة «الايغوز» نخبة النخب في الجيش الاسرائيلي: «يومها، قدم اليهود من تلة مارون الراس بهدف السيطرة على بنت جبيل وضواحيها، فكان مثلث التحرير نموذجا جليلا للمقاومة وبات اسمه مثلث البطولة.
كل ما في البلد يدل على شراسة الحرب الدائرة، سوق بنت جبيل والاحياء القديمة في البلدة وحتى مسجد البلدة شكلت أهدافا حية للإسرائيليين الذين تكبدوا خسائر فادحة وأطلقوا على البلدة «المدينة الملعونة».
حلت لعنة بنت جبيل على القوات الاسرائيلية، اليافطات التي ارتفعت في المكان تؤدي مهمة دعمها للمقاومة والانتصار: «كما انتصرنا في الحرب، نستطيع ان ننتصر باعادة الاعمار»، ولافتة اخرى تقول: «إسرائيل تنهزم فتدمر ولبنان ينتصر فيعمر».
تختلف المعادلات في ذاك المكان، لا أثر للمؤسسات والعيادات وحتى المستشفيات تعرضت لنكسة ولكن محاولات لملمة الجراح مستمرة.
مدرسة بنت جبيل تعرت من جدرانها، فبدت المقاعد كما لو ان النوافذ شرعت والصفوف تحولت الى «شاليه» على شاطئ البحر، لا مكان لليأس في تلك البلدة التي يطلق عليها عاصمة التحرير والمعروفة بمقاومتها للاحتلال الفرنسي وكذلك العثماني وبمراحل اسر الكثير من أبنائها المقاومين.
وعلى رغم تمركز الجيش اللبناني في منطقة صف الهوا ومثلث التحرير، فإن الدولة اللبنانية بأجهزتها الرسمية الإنمائية لم تزل غائبة أسوة ببقية مناطق الشريط الحدودي، واقتصرت المساعدات على أحزاب البلدة وغاب حتى نواب المنطقة عن خارطة وجعها.
يكشف د. عبدالله جوني (أخصائي جراحة عامة) في مستشفى بنت جبيل عن غياب الدعم الرسمي، اذ استقبلنا مساعدات من «أطباء بلا حدود» ومن احدى المنظمات الانسانية التابعة لليونيسيف.
وكنا نبادر الى علاج مرضى كانوا يحولون الينا من مستشفيات حكومية، موضحا آلية اعتماد عيادات نقالة تجوب كل قرى القطاع الغربي لتصل الى حدود الناقورة، مستطلعة الأوضاع الصحية للمواطنين .
اقرأ أيضاً