إلين براشير
تحظى وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليڤني على اهتمام خاص من قبل وسائل الإعلام يراه المحللون مؤشرا قويا على الخروج المرتقب لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت من الحكومة وتنحيه عن منصبه.
فقد اكتسبت ليڤني - ثاني امرأة تشغل منصب وزيرة الخارجية في تاريخ إسرائيل ولما تصل الخمسين من عمرها - مكانة مهمة خلال العقد الأخير، بعد أن انخرطت في العمل السياسي، وبالأخص منذ تأسيس حزب كاديما في أواخر عام 2004.
وفيما بدأ نجم إيهود أولمرت في الأفول وتدنت نسبة شعبيته لدى الرأي العام الإسرائيلي بسبب مزاعم تلقيه لآلاف الدولارات من رجل أعمال أميركي لتمويل حملته الانتخابية، يُنظر في المقابل إلى ليڤني باعتبارها شخصية نظيفة اليد في السياسة الإسرائيلية، ولم تلطخ ذمتها المالية، كما لم تلاحقها تهم الفساد، ويعبر عن الوضع السياسي غير المستقر في إسرائيل المعلق والصحفي آري شافيت قائلا: إن كل يوم يمر على كاديما دون أن يتحرك لخلع أولمرت هو مثال على انعدام المسؤولية سواء على الصعيد الوطني، أو الدولي، مضيفا ان أولمرت هو نيكسون إسرائيل، مع فارق وحيد أن نيكسون كان رجل دولة عظيما.
لكن أولمرت الذي عاد مؤخرا من رحلة إلى واشنطن استمرت أسبوعا كاملا، لا يبدو أنه مكترث للأصوات الداعية إلى تنحيه وفسح المجال لغيره، وهو ما قد يفرض على حزبه التدخل لتنظيم انتخابات تمهيدية لاختيار قائد جديد للحزب، كما قد يدعو الكنيست الإسرائيلي إلى التقدم بتلمس لسحب الثقة وإسقاط الحكومة، تمهيدا لتنظيم انتخابات مبكرة قبل عام على موعدها المقرر في شهر مارس من عام 2010، وفي كلتا الحالتين، سواء غير كديما قيادته، أو نظم انتخابات مبكرة بطلب من الكنيست، تشير جميع السيناريوهات المستقبلية إلى تسيبي ليڤني باعتبارها الشخصية السياسية الأبرز التي ستُتوج على رأس الحكومة الإسرائيلية القادمة، فاسمها يقفز إلى الواجهة لأنه حتى الآن الأرجح لقيادة الحزب بعد الانتخابات التمهيدية، بل الأقدر على مواجهة المرشح اليميني بنيامين نتانياهو في حالة تنظيم انتخابات عامة.
وفي هذا السياق صرح أحد الحلفاء السياسيين لوزيرة الخارجية ليڤني - رفض ذكر اسمه - قائلا: إن الظروف الحالية التي سيترك في ظلها أولمرت منصبه مرتبطة بالاستقامة الشخصية، وهي ما يمثل نقطة القوة بالنسبة لتسيبي ليڤني، مضيفا أنه لو كان أولمرت تنحى عن منصبه بعد الأخطاء التي ارتكبت في حرب لبنان 2006، لبحثوا عن جنرال لخلافته، ولكان الأمر انحصر بين شاؤول موفاز وإيهود باراك، وفيما يتقلد موفاز حاليا وزارة النقل في إسرائيل يتولى باراك وزارة الدفاع بعد الإخفاقات التي سجلها تقرير فينوغراد في حرب لبنان، وحسب الصحفي شافيت تشكل تركيبة ليڤني - باراك الصيغة الأنسب بالنسبة للمعتدلين، لأنها التركيبة الأكثر قدرة على وقف تقدم نتانياهو والحؤول دون انتخابه على رأس الحكومة الإسرائيلية، وبالنسبة لمن يحثون ليڤني على دخول حلبة المنافسة ويدفعون بها إلى القمة لتصبح ثاني رئيسة وزراء في تاريخ اسرائيل غولدا مائير.
فإنهم يضعون في اعتبارهم ما تتوافر عليه من مؤهلات مناسبة، حيث تنحدر من أسرة كان لها دور كبير في قيام دولة إسرائيل، فأبواها كانا قائدين لحركة ارجون اليمينية خلال فترة الانتداب البريطاني، وهي الحركة التي ينظر إليها البعض على أنها رائدة الاستقلال، فيما يعتبرها البعض الآخر مجموعة إرهابية ارتكبت أفظع الجرائم ضد الفلسطينيين.
وجاءت تقارير الصحافة البريطانية التي أشارت إلى تجربة ليڤني في العمل مع جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، بالإضافة إلى مواصفاتها الجسدية - شعرها الأشقر وجسمها الرياضي، فضلا عن طولها الفارع - لتعزز من استحقاقها لقيادة الحكومة المقبلة، وبالإضافة إلى ذلك يبدو أن إحدى مميزات ليڤني السرية التي تحيط بها تحركاتها وتلف شخصيتها، إذ خلافا للساسة الإسرائيليين لا تحب ليڤني الظهور كثيرا أمام وسائل الإعلام، فمنذ مؤتمر أنابوليس الذي أطلق المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وهي - التي تشرف على المحادثات - تشترط الابتعاد عن أضواء الإعلام، وتجتمع ليڤني مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع مع نظرائها الفلسطينيين بمن فيهم رئيس السلطة محمود عباس ووزير الخارجية أحمد قريع ، فضلا عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي يقول عن ليڤني في هذا الصدد: إنها مفاوضة صعبة، لكن الاختلاف كبير بين المفاوض الصعب، وبين من يرفض المفاوضات.
ويواصل كبير المفاوضين الفلسطينيين، رغم امتناع القادة الفلسطينيين عادة عن دعم شخصية سياسية إسرائيلية، وصفه قائلا: إنها سيدة متميزة وتتوفر على مواصفات القيادة، مدللا على ذلك بردة فعلها بعد الهجوم على مدرسة يهودية في القدس ومقتل بعض طلابها، حيث أصرت على استمرار جلسات المفاوضات مع أن العادة جرت على أن يعلق المفاوضون الإسرائيليون أي اتصال مع نظرائهم الفلسطينيين ما ان تقع حوادث مماثلة، والحقيقة أن تلك الصفات يؤكدها أقرب مساعديها الذين يؤكدون على جدية ليڤني في تناول القضايا المطروحة للمفاوضات، فضلا عن قدراتها التحليلية العالية، ويقول أحــد المقربين منها في هذا السيـاق: إنها لم تدخل السياسة سعيا وراء الشهرة، بل لأنها تريد فعلا حـــل المشاكل التي تواجهها إسرائيل، وبالطبع هناك منافسون آخرون لوزيرة الخارجية يتسابقون على وراثة عرش كديما يأتي في مقدمتهم وزير النقل شاؤول موفاز الذي اعتبر في تصريح له مؤخرا أن ضرب إيران أمر لا مفر منه، وهو الموقف الذي يختلـــف مع الحذر الذي تتبناه ليڤني.
عن كريستيان ساينس مونيتور
صفحة قضايا في ملف ( pdf )