تتسارع وتيرة التحضيرات العسكرية في منطقة الخليج العربي تحت عناوين مختلفة، انما لهدف واحد وهو الاستعداد لكل السيناريوهات التي قد تسير بها الجهود لوقف برنامج ايران النووي.
ورغم تضارب التصريحات واشتداد لهجة الخلاف وارتفاع نبرتها بين أميركا وإسرائيل، بات واضحا أن الادارة الأميركية عدلت من سياستها تجاه ايران، وتحولت من احتواء وتعايش مع ايران نووية الى سياسة منع طهران من الحصول على سلاح نووي. وتتفق غالبية المراقبين على أن إخفاق العقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية في ثني ايران عن تطوير برنامجها النووي سيؤدي عاجلا أو آجلا الى الخيار العسكري. ولم يعد الخلاف بين واشنطن وتل أبيب اليوم على منع ايران، ولو بالقوة، من التحول الى قوة نووية عسكرية، وانما متى يجب اللجوء الى الخيار العسكري لمنعها من ذلك.
وبحسب صحيفة «الحياة» اللندنية فإن مسؤولين أميركيين وأوروبيين وخبراء التقوا في مؤتمر مغلق خلال الشهر الجاري في عاصمة أوروبية لمناقشة الملف الايراني وتداعياته، وتصر الحكومة الاسرائيلية على تقديرات أجهزتها الاستخباراتية لمدى تقدم البرنامج النووي الايراني، والتي تتوقع أن تملك طهران سلاحا نوويا خلال سنة واحدة، في حين تشير التقديرات الأميركية الى أن طهران تحتاج الى فترة أطول تصل حتى عامين أو ثلاثة.
وتختلف التقديرات الاسرائيلية عن الأميركية أيضا في حجم الرد الايراني المتوقع على أي هجوم على منشآتها النووية.
ففي حين يروج المسؤولون الاسرائيليون لفكرة الرد المحدود من جانب طهران بحجة خشية النظام الايراني من أن يجد نفسه في حرب لا يستطيع كسبها ضد أميركا وقوى الغرب والعرب في حال أقدم على إغلاق مضيق هرمز واستهدف منشآت أميركية في المنطقة، تعتقد غالبية المسؤولين الأميركيين بأن الرد الايراني سيكون كبيرا مما سيشعل حربا اقليمية ـ دولية.
وكشفت تصريحات، في المؤتمر المذكور، وجود حال من عدم ثقة من جانب الحكومة الاسرائيلية بالرئيس باراك أوباما، وبكونه سيقدم فعلا على الخيار العسكري في الوقت المناسب، ولذلك قررت الضغط عليه في فترة الانتخابات. ويخشى بعض المسؤولين في الادارة الأميركية من أن تقدم الحكومة الاسرائيلية في حال شعرت بأن حظوظ أوباما بالفوز في الانتخابات ستكون قوية باللجوء الى شن ضربات جوية وصاروخية ضد بعض المنشآت النووية الرئيسية في ايران.
وفي حال رد إيراني كبير يشمل إغلاق مضيق هرمز واستهداف قواعد أميركية، ستجد ادارة أوباما نفسها مضطرة الى دخول الحرب على رأس تحالف غربي - عربي.
وفي أي حرب مستقبلية سيكون للقوات الأميركية الدور الأكبر بخاصة في العمليات البحرية والجوية والحماية ضد الصواريخ الباليستية والجوالة وإزالة الألغام البحرية. ولفت محللون عسكريون الى أن الفارق الأساسي اليوم بين التهديدات التي أطلقت في الأعوام السابقة باللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران وما يجري حاليا هو حجم الاستعدادات العسكرية الجدية، والتي لم تشهدها المنطقة من قبل.
إذ يحشد الجانب الأميركي وحده ثلاث حاملات طائرات وعشرات المدمرات والفرقاطات وكاسحات الألغام وسفن الانزال وقاعدة عائمة للقوات الخاصة وسفن انزال وغواصات نووية مسلحة بصواريخ جوالة، وهي مدعومة بمدمرات وفرقاطات وكاسحات ألغام من قوى غربية وعربية منتشرة منذ فترة في الخليج العربي وبحر عمان تحت عنوان إجراء مناورات مشتركة.
كما تنتشر سفن وقوات أميركية داخل وقبالة الشواطئ الاسرائيلية بحجة اجراء تدريبات مشتركة في الدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
ويختلف المراقبون حول توقيت اللجوء الى الخيار العسكري، الا أنهم جميعا يتفقون على أنه سيشعل حربا مدمرة، تكون كلفتها كبيرة على الاقتصاد الدولي ودول المنطقة وبخاصة ايران التي ستخسر بنيتها التحتية العسكرية والمدنية وينهار اقتصادها وتتهدد وحدة أراضيها.
في هذا الوقت، هدد رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني برد مكلف للغاية لأي عمل عسكري ضد بلاده وقلل من أهمية تهديدات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ميت رومني ضدها واعتبرها دعاية انتخابية.
وقال لاريجاني في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» أمس «ان رومني لديه القليل من الحكمة اللازمة لفهم عواقب شن حرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، واصفا سياسة بلاده في الشرق الأوسط بأنها «مجموعة من الإخفاقات».
وسئل عن رده على الاقتراحات بأن إمكانية اندلاع حرب ضد إيران ستتزايد في حال فاز رومني بانتخابات الرئاسة الأميركية في حين يعني بقاء باراك أوباما في منصبه تشديد العقوبات عليها فأجاب «هذه مجرد تكهنات وسائل الإعلام فرومني لديه القليل من الحكمة ليعرف أن الحرب ستكون مكلفة بالنسبة له كما أن الأميركيين يعلمون أيضا أن الصراع مع إيران سيكون مكلفا للغاية ولا ينبغي الاستماع إلى ما يقال في الحملات الانتخابية».
وأضاف لاريجاني «الأنظمة السياسية هي التي تتخذ القرارات في الولايات المتحدة وليس الأفراد ولذلك فإن من هو موجود في البيت الأبيض لا يحدث فرقا كبيرا»، مشيرا إلى أن أوباما «صعد إلى السلطة بشكل كاسح وقطع وعودا لم تتبعها أفعال».
وتساءل «ماذا فعل (أوباما) لفلسطين ألم يذهب إلى تركيا ومصر ويتعهد بحماية حقوق المسلمين لكن لم نر أي إجراء يدعم ذلك كما أن الأميركيين دعموا الرئيس المصري السابق حسني مبارك حتى لحظاته الأخيرة في السلطة وفعلوا الشيء نفسه مع الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح».