تبنى مجلس الامن الدولي باغلبية 14 صوتا وامتناع عضو واحد هو ليبيا، امس قرارا بدعم مسيرة السلام في الشرق الاوسط هو الاول منذ 5 سنوات.
وكان قد تم تقديم مشروع القرار بمبادرة اميركية ـ روسية. وهو يدعم مسيرة السلام الفلسطينية الاسرائيلية التي اعيد اطلاقها قبل عام في انابوليس قرب واشنطن، بهدف تحقيق تعايش سلمي بين دولتين فلسطينية واسرائيلية.
وامتنعت ليبيا العضو العربي الوحيد في المجلس عن حضور جلسة التصويت على القرار لان الولايات المتحدة وروسيا اللتين رعتا القرار لم تقبلا تعديلات طلبت البعثة الليبية ادخالها عليه تتعلق بطائفة واسعة من القضايا ابرزها الحصار الذي يتعرض له قطاع غزة.
واصر الراعيان على ان القرار يتعلق بالقضية السلمية الاوسع نطاقا ولا يتعامل مع تفاصيل الموقف الراهن في الشرق الاوسط. ومن خلال تبنيه القرار الذي حمل رقم 1850 دعم المجلس «المبادئ التي اتفقت عليها الاطراف من اجل خوض عملية تفاوضية ثنائية بين الفلسطينيين والاسرائيليين وجهودهما العازمة على التوصل لهدفهما الذي يتضمن ابرام معاهدة سلام تحل جميع المسائل الخلافية الكبرى بما فيها القضايا الجوهرية دون استثناء بما يؤكد جدية عملية انابوليس».
الإيفاء بالالتزامات
كما دعا المجلس في قراره كلا الطرفين الى الايفاء بالتزاماتهما بموجب خارطة الطريق نحو سلام الشرق الاوسط القائمة على الاداء وكما ينص التفاهم المشترك الذي جرى التوصل اليه في انابوليس والامتناع عن اي خطوات من شأنها الاضرار بالثقة وبنتائج المفاوضات» في اشارة غير مباشرة لأنشطة الاستيطان الاسرائيلية في الاراضي المحتلة.
وطالب القرار كل البلدان والمنظمات الاقليمية المعنية بالاسهام في بناء جو ايجابي لاستمرار المفاوضات مع دعم السلطة الفلسطينية الملتزمة بمبادىء اللجنة الرباعية وبمبادرة السلام العربية واحترام التزامات منظمة التحرير الفلسطينية في المساعدة على تطوير الاقتصاد الفلسطيني وتعظيم المصادر المتوافرة للسلطة الفلسطينية والاسهام في بناء المؤسسات الفلسطينية «اعدادا لقيام الدولة».
وحث القرار ايضا على مضاعفة الجهود الديبلوماسية الرامية للاعتراف المتبادل والعيش المشترك بين جميع بلدان المنطقة في سياق تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الاوسط مرحبا ببحث اللجنة الرباعية الدولية عقد مؤتمر دولي في موسكو خلال 2009 وقرر مواصلة الاهتمام بهذه المسألة. وحضر جلسة مجلس الامن وزير خارجية بريطانيا ديڤيد ميليباند ووزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس كما تناولوا الكلمة خلالها.
كي مون لانهاء الاحتلال
وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في افتتاج الجلسة «ان هذا الاجتماع مهم جدا للسلام في الشرق الاوسط». واضاف «ان الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ في 1967 يجب ان ينتهي وعلى اسرائيل والعالم العربي ان يعيشا في سلام». من جانبه قال لاڤروڤ «ان تبني القرار لا يشكل ضمانة مطلقة» مضيفا «ان جانبا كبيرا من التقدم المؤمل يتوقف على قدرة اسرائيل والفلسطينيين على تطبيق تعهداتهم خصوصا في مجال الامن».
اما رايس فقد اعتبرت ان الوضع «اليوم مختلف جدا عما كان عليه في 2001 لدى تولي الرئيس جورج بوش» السلطة. واضافت وزيرة الخارجية الاميركية فيما قد تكون آخر مداخلة لها قبل تولي الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما مهامه في 20 يناير المقبل، «لا يوجد درب آخر غير مسار انابوليس، ولا يوجد حل آخر غير حل دولتين تعيشان في سلام جنبا الى جنب».
ترحيب فلسطيني
الرئاسة الفلسطينية رحبت بالقرار وقال الناطق باسمها نبيل ابو ردينة لوكالة فرانس برس ان «قرار مجلس الامن الدولي مشجع لاسيما انه يدعو لاستمرار عملية السلام بدعم كامل من المجتمع الدولي ويحافظ على الامل في السعي نحو السلام». بدوره اعرب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات عن امله «ألا يضاف القرار الى ارشيف القرارات الاخرى التي لم تنفذ»، وقال: «نريد قرارات إلزامية لاسرائيل بوقف النشاطات الاستيطانية وانهاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية».
من جانبه أكد وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل في كلمة ألقاها مساء امس الاول في الاجتماع الوزاري للجنة الرباعية المكلفة بعملية السلام في الشرق الأوسط أن الجهود الأخيرة التي رعتها الرباعية بين الفلسطينيين والاسرائيليين «لم تحقق أي نتائج فعلية أو أي انفراج يذكر». وقال في الاجتماع الذي حضره السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون وعدد من الوزراء العرب من بينهم وزراء خارجية كل من الامارات والبحرين والاردن ووزيرا خارجية الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا انه «ينبغي أن ندرك أن السلام لا يتحقق بعقد الاجتماعات أو من خلال المفاوضات في ظل تجاهل القضايا الرئيسية للنزاع المتمثلة في القدس والحدود واللاجئين والضمانات الأمنية».
وذكر ان العالم العربي ـ بما فيه السلطة الفلسطينية ـ بذل كل ما في وسعه للوصول الى سلم حقيقي دائم وأن مبادرة السلام العربية لاتزال مطروحة على الطاولة وتمثل عرضا جماعيا لانهاء الصراع مع اسرائيل والدخول في اتفاق يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة.
وأضاف أن الاجراءات التي تتخذها اسرائيل تكاد تجعل من المستحيل امكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل اضافة الى أنها تجعل من الصعوبة بمكان على أي حكومة فلسطينية اقناع الفلسطينيين بجدوى السلام.
وأضاف أن الدول العربية طلبت من الادارة الأميركية الجديدة التعجيل ببدء المفاوضات وهي تأمل أن «يستجاب لها».
وعن مشروع القرار الأميركي ـ الروسي المطروح في مجلس الأمن الدولي قال الامير سعود الفيصل ان الأمر الايجابي في المشروع هو جعل مجلس الأمن معنيا باستمرار بالاشراف على سير المفاوضات واعتبر ذلك «مدخلا أساسيا» لمحاسبة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
وقالت اللجنة الرباعية في بيان تلاه بان كي مون ان «اللجنة الرباعية تعتبر ان عملية المفاوضات الثنئاية التي انطلقت في انابوليس لا تراجع فيها، وانه من الضروري تكثيف هذه المفاوضات لانهاء هذا النزاع وانشاء دولة فلسطينية في اقرب وقت ممكن تعيش بسلام وامان الى جانب اسرائيل».