عواصم ـ هدى العبود
في اطار الجهود الحثيثة لتثبيت المصالحة العربية ـ العربية التي اعلنت في قمة الكويت اكد التلفزيون السوري امس ان الرئيس بشار الأسد تلقى رسالة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تناولت تطورات الأوضاع في المنطقة.
وقال التلفزيون ان صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة قام بنقل الرسالة خلال استقبال الرئيس الأسد له، وانه نقل للرئيس الأسد تحيات خادم الحرمين الشريفين وتمنياته للشعب السوري بمزيد من التقدم.
وأشار الى ان الرئيس الأسد حمّل الأمير مقرن رسالة الى الملك عبدالله تتعلق بمستجدات الأوضاع في المنطقة وأهمية تحقيق التضامن العربي.
من جهة اخرى استقبل خادم الحرمين في الرياض وزير الخارجية المصري احمد ابوالغيط ومدير المخابرات اللواء عمر سليمان وبحثوا جهود التهدئة في غزة والوضع في دارفور على ما أفاد مصدر ديبلوماسي.
وقال مصدر ديبلوماسي «ان ابوالغيط نقل لخادم الحرمين خلال اللقاء الذي عقد بحضور وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل رسالة من الرئيس المصري حسني مبارك تتعلق بتطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني وجهود التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وكذلك التطورات فيما يتعلق بقضية دارفور».
وذكر المصدر «ان الوزير ابوالغيط أطلع خادم الحرمين على آخر الجهود التي تبذلها مصر فيما يتعلق بالتهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، وكذلك جهودها فيما يتعلق بالحوار بين حركتي فتح وحماس، الذي ستستضيف القاهرة جولته المقبلة في 22 الجاري».
وفي سياق آخر قالت مصادر سورية ان زيارة الأمير مقرن تأتي في اطار سلسلة من الزيارات ستشهدها العاصمة دمشق هذا الأسبوع تقوم بها وفود عربية وأميركية وأوروبية وتركية لمناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط والعلاقات الثنائية وقضايا إقليمية راهنة.
وبدأت سلسلة الزيارات بمفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي «بينيتا فريرو فالدنر» التي ناقشت في دمشق العلاقات السورية ـ الأوروبية وإبرام اتفاقية شراكة بين الجانبين، وفقا لما أعلنته المفوضية الأوروبية.
علاوة على فالدنر وصل رئيس البرلمان التركي كوكسال توبطان الى دمشق أمس للقاء كبار المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس د.بشار الأسد ورئيس مجلس الشعب السوري.
وقد أكد توبطان في تصريح للصحافيين لدى وصوله الى دمشق «أن الأحداث الأخيرة التي حدثت في غزة هي مأساة إنسانية وهذا الأمر يهم الإنسانية وليس سورية وتركيا وحسب.
وقال توبطان «المواطن الذي يتعرض للموت في غزة هو إنسان وما حدث هو مأساة وأمر محزن ومؤلم ومن اجل ذلك اتخذت تركيا موقفا حيال تلك المأساة الإنسانية».
وحول الموقف الذي اتخذته بلاده من أحداث غزة وخصوصا بعد انسحاب رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان من إحدى جلسات قمة دافوس احتجاجا على كلام الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قال توبطان: «تركيا دافعت عن ضرورة احترام حقوق الإنسان وأولها حق الحياة، والاعتداء والظلم يفرضان على كل إنسان مهما تكن عقيدته مسلما او غير ذلك بصرف النظر عن منبته الاثني ان يرفض ويستنكر العدوان».
وكانت مصادر واسعة الإطلاع قد أكدت لوكالة «د.ب.أ» ما تردد عن زيارة يقوم بها إلى دمشق ثلاثة وفود برلمانية أميركية منفصلة هذا الأسبوع أهمها الوفد الذي سيترأسه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديموقراطي جون كيري الذي يزور دمشق نهاية الأسبوع في إطار جولة له في الشرق الأوسط.
ومن المتوقع أن يلتقي كيري خلال زيارته الأسد وكبار المسؤولين السوريين.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب السوري سليمان حداد إن هذه الوفود «تدرك تماما أنه لا سلام دون سورية، وأن كل الأطراف والمجتمعات تعرف جيدا أن سورية تمد يدها للسلام وأن إسرائيل لم تعد مهتمة بالسلام».
وأضاف حداد في تصريح خاص لوكالة الأنباء الألمانية أنه «من الواضح، ومن قراءة أولية لنتائج الانتخابات الإسرائيلية، أن بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود يقول إنه لن يكون ملتزما بأي اتفاق تم الاتفاق عليه، وافيغدور ليبرمان ـ المتطرف الآخر ـ زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» لا يعترف بغزة وعرب 48».
وأضاف: «حتى زعيمة حزب كاديما وزيرة الخارجية تسيبي ليڤني التي يمكن اعتبارها أقل تطرفا لاتزال أصابعها ملوثة بالدم».
وقال المحلل السياسي والمؤرخ السوري سامي مبيض إنه «يمكن ربط زيارات أعضاء الكونغرس بالحوار الإيجابي مع سورية الذي وعد به الرئيس الأميركي باراك أوباما، فهو أدرك أنه لا حل لمشكلة السلام دون سورية، ولا يمكن للسلام أن يكون فعالا من دون سورية».
أما الوفدان الآخران فسيكون الأول برئاسة رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الإرهاب والأمن الوطني في مجلس الشيوخ السيناتور بنجامين كاردن الذي يصل إلى دمشق غدا الثلاثاء، بينما يترأس الثاني السيناتور هوارد بيرمان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.
ومن المتوقع أن يلتقي البرلمانيون الأميركيون الرئيس السوري بشار الأسد وكبار المسؤولين السوريين، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومسار العملية السلمية في المنطقة.
ولكن مسؤولين سوريين يرون صعوبة تحقيق «اختراق» على صعيد العملية السلمية مع إسرائيل.
وقال سليمان حداد إن السوريين رغم تفاؤلهم «إلا أن الحل مع حكومة متطرفة يبدو صعبا جدا».
وأضاف أن أوروبا مثل الجانب الأميركي أيضا تدرك أهمية سورية في موضوع السلام، وأن الجميع في العالم يدرك أن سورية لن تتنازل عن حبة رمل من تراب الجولان.
كما يزور دمشق غدا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وهي زيارته الأولى منذ أن شن الأعلام السوري الرسمي وشبه الرسمي حملة كبيرة عليه بسبب مشاركته مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس، وعدم انسحابه من الجلسة التي انسحب منها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وفي تعليقه على زيارة موسى، قال حداد إن سورية ترحب بأي جهد عربي يسهم في التضامن والوئام العربي، وإن سورية تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف الفلسطينية، وتكرر تأييدها لمصالحة فلسطينية ـ فلسطينية، مضيفا أن «البوصلة الوحيدة هي لم الشمل العربي وفض الخلافات العربية ـ العربية وخاصة الفلسطينية، والتضامن والحوار العربي الذي تسعى إليه سورية باستمرار.
ويرى مراقبون متابعون للعلاقات السورية ـ الأميركية أن زيارات الوفود مؤشر على اهتمام الإدارة الأميركية بقضية تحسين العلاقات مع سورية ومؤشر آخر على رغبة سورية في تحسين هذه العلاقات التي تدهورت في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.