لاشك أن العديد من العوامل تقف حجر عثرة في سبيل تطور خدمة الانترنت في سورية، إذ يجمع المستخدمون على أن خدماتها ليست في أفضل حالاتها لا من حيث السرعة ولا من حيث التكلفة، بينما المفروض عندما تريد المخدمات أن تحاسب المشترك على الزمن، يجب أن تقدم مستوى خدمة مقبولا.
ترى فاتن شلبي، من الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، أن عدم القدرة على مواكبة خدمات الاتصال الجديدة للحزم العريضة النطاق أدى إلى ضعف الخدمة، وتضيف شلبي: «الحزم العريضة أصبحت ضرورة، نظرا إلى زيادة حجوم الملفات المتداولة عبر الشبكة العنكبوتية، حيث إن الاتصال الهاتفي العادي لا يلبي هذه الحاجات المتزايدة، وهي الخدمة الأكثر انتشارا في سورية».
أما مدير الوحدة الاقتصادية للانترنت ibu في المؤسسة العامة للاتصالات المهندس علي علي فلا يوافق على القول بأن ضعف شبكة الانترنت في سورية مرده الجانب الفني فقط، بل يعيده إلى أسباب أخرى بشرية وتنظيمية، منها قوانين وآليات تحكم عمل هذا القطاع، مثل القانون (50) الخاص بالعاملين، وقانون العقود (51) والرواتب والأجور والكوادر المؤهلة المتدربة (مع إمكانية الحفاظ عليها في القطاع العام).
أما السبب المباشر للبطء في الخدمة، فيعود ـ حسب علي ـ إما إلى المزود أو شبكة تبادل المعطيات التابعة لمؤسسة الاتصالات (بي دي ان) ويضيف: «مستوى الأداء بين المزود وشبكة تبادل المعطيات غير متكافئ، كما أن مفهوم جودة الخدمة غير متوافر. بالإضافة إلى أن عدم توافر خدمة الحزم العريضة والأسعار العالية وطرق المحاسبة (قبل 1/3/2009) أسهمت بطريقة معينة في زيادة الاستخدام السيئ من قبل المشتركين لخدمة الحزم العريضة، حيث يقوم المشترك الواحد بتزويد الخدمة لعدد من المشتركين الآخرين ما يؤدي إلى انشغال الدارة على مدار 24 ساعة».
أما مستشار وزير الاتصالات والتقانة، المهندس إباء عويشق، فيرد السبب إلى خدمة up-dial التي جاءت لتشجيع الناس على استخدام الانترنت في حدود ضيقة ودون تفاعلية، مستدركا بالقول: «إن هناك خطة قد بدأ العمل بها لنقل المشتركين وتعزيز البوابات لتصبح على الحزمة العريضة، وينتهي المشروع آخر الشهر السادس»ويؤكد عويشق أن المشروع سيحمل الشبكة الحالية استطاعتها القصوى من خلال طرح 50 ألف بوابة عريضة (adsl).
المشترك في خدمة الانترنت السورية هو الحلقة الأضعف، فلا هو حصل على خدمة ذات جودة عالية، ولا ضمن حقه في التعويض عند انقطاع بعض الخدمات، لاسيما في حال كان مشتركا عن طريق مزود خدمة خاص، مع العلم بأن هناك نحو 9 مزودات خدمة خاصة، بالإضافة إلى مزودين حكوميين. ويبين العقد بين مخدمات الإنترنت الخاصة وبين مؤسسة الاتصالات، أن على مقدم الخدمة (المزود الخاص) دعم المشتركين فنيا على مدار الساعة، وإصلاح الأعطال مباشرة في التجهيزات الخاصة به، والتقيد بكل ما يصدر عن الوزارة ومؤسسة الاتصالات، باعتبارهما الجهة المنظمة، وبوجه الخصوص، حدود التعرفة التي تضمن حقوق المستخدمين، إلا أن العقد لا يتضمن آلية لتعويض المشترك المتضرر نتيجة توقف الخدمة من قبل المؤسسة ذاتها، كما لا تحدد الشروط والضوابط التي تقوم المؤسسة بإلغاء الخدمات وفقها.
وحول سبب توقف بعض الخدمات، يقول خبير الاتصالات محمود عنبر: «إن عملية التنظيم هي المسؤولة عن إيقاف الخدمة أو إتاحتها، فبعض الشركات قامت باتفاقيات مع شركات خارجية في منتدى صناعة البرمجيات، وأثناء نقل البيانات عبر خدمة ftp توقفت الخدمة، ما أدى إلى خسائر كبيرة، بسبب غياب الطريقة لتعويض المشترك».
إلا أن مستشار وزير الاتصالات بيّن أن هناك خطة لتطوير البنى التحتية وخلق بيئة ملائمة للاستثمار، من خلال مشروع سيعلن حول التعاقد مع شركة تدعم التشغيل للبنى التحتية لخدمات تراسل المعطيات والانترنت، وسيتم الإعلان عن توسيع شامل للخدمات والاتجاه نحو تكثيف انتشار الحزمة العريضة، حيث كان عدد نقاط النفاذ عام 2008 نحو 63 موقعا، ووصل عام 2009 إلى 120 موقعا، ويتوقع أن يصل عام 2010 إلى 300 موقع نفاذ.
ويرى عنبر:أن المسؤولية تقع على كل الجهات مجتمعة، لأن المزود الخاص يلقي اللوم على المؤسسة، والمؤسسة تلقي اللوم على آلية العمل ورواتب الموظفين وتسرب الخبرات من المؤسسة إلى القطاع الخاص، والحقيقة أن مؤسسة الاتصالات في أي بلد في العالم يتوافر لها هامش حركة، أما في سورية، فلا يتوافر مثل هذا الهامش» معتبرا أن: «ضمن هذا الواقع، لا تستطيع المؤسسة تقديم أفضل من ذلك، فالمؤسسة تعمل وفق آلية القطاع العام وتحتاج إلى مرونة وصلاحية أكبر، فلا يعقل أن يطرح مشروع وتتم الموافقة عليه بعد عام كامل».
صناعة تنموية
في الوقت الذي تحولت فيه شبكة الإنترنت في معظم دول العالم إلى صناعة مربحة، مازلنا نتحدث عن سرعات تبدأ من 40 ميغابت في الثانية، ونتمنى ضمان ثبات الخدمات وعدم انقطاعها في سورية، فما السبيل إلى خلق صناعة معلوماتية في المضمون وفي التقنيات؟ يقول الخبير محمود عنبر: «إن أسس قيام صناعة تنموية، تحتاج إلى بنية تحتية وكوادر وتطوير شبكة تبادل المعطيات في مؤسسة الاتصالات التي ترتبط بها كل مزودات الخدمة في سورية»، ويضيف: «تطور الانترنت في سورية مرتبط بالنشاط الرقمي وعوامل متكاملة تتعلق بالمحتوى وأسعار الحواسب وخطوط الهاتف الثابت، كما أن خدمات الحزمة العريضة adsl تساعد على تحفيز مقدمي الخدمات نحو الاستثمار في شبكة الانترنت في سورية وإقامة مشاريع أكبر».
إلا أن الحزمة العريضة (adsl) نفسها مازالت تحتاج إلى جهود أكبر من أجل نشرها على مستوى شامل، وهي لا تخلو بدورها من السلبيات ـ على حد قول مدير الانترنت، علي علي: «البنية التحتية ضعيفة، حتى بالنسبة إلى بوابات adsl، حيث ينقصها الفحص المسبق لخط الهاتف ومدى توافقه مع الخدمة، وكل ذلك يحتاج إلى أدوات ومعدات خاصة غير موجودة، ومن مشاكل الخدمة أيضا الجهل بالتكنولوجيا واستخدامها».
أما مستشار وزير الاتصالات، إباء عويشق، فيعتبر أن التوجه بالاستثمار الكثيف نحو مشاريع تسمح بتخفيض التكلفة، سينعكس بشكل كبير على المشترك، مثل الاستثمارات في الدارات الدولية والاستثمارات بتركيب عدد كبير من البوابات، وعند اكتمال هذه المشاريع، سيكون لها أثر في تخفيض السعر أيضا.
بقعة ضوء
رغم كل مشاكل الشبكة في سورية، إلا أن لها عدة ميزات ـ حسب مستشار وزير الاتصالات ـ معتبرا أن الخدمة تبقى مستمرة عند الزلازل والانقطاعات المفاجئة، بسبب الارتباط بعدة مجالات عبر إيطاليا ومصر وتركيا، وهناك عمل على رفع السعات بكل الاتجاهات، ما يسمح بتخفيض التكلفة وتحسين جودة الاتصال، وفي حال توقيع اتفاقية للوصول إلى كبل دولي، ستكون له انعكاسات فنية وتسعيرية جيدة على الخدمة.
ويذكر ان عدد المشتركين في خدمة الانترنت dial up عبر مؤسسة الاتصالات 145.893 مشتركا، أما عدد المشتركين في ذات الخدمة عبر مزودات الخدمة الخاصة فقد وصل إلى 583.610 مشتركين.
وعدد المشتركين في خدمة adsl عبر المؤسسة أيضا 13544 مشتركا، وعدد المشتركين في خدمة adsl عبر مزودات الخدمة الخاصة 431 مشتركا فقط.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )