Note: English translation is not 100% accurate
التقرير يثير زوبعة في واشنطن
الجمعة
2006/12/8
المصدر : الانباء
تحليل إخباري
واشنطن ــ أحمد عبدالله
ثمة عاصفة متكاملة الأبعاد تجتاح واشنطن هذه الساعات، ذلك أن ردة فعل الإعلان عن توصيات لجنة بيكر ـ هاملتون تجاوزت كل ما كان متوقعاً، وفيما يبدو الأمر في جانب أساسي منه ـ على الأقل ـ تصفية لحسابات سياسية بين معسكرات مختلفة، فإن ما يعني الشرق الأوسط من تفصيلات هذا المشهد الدرامي الذي يتتابع فصولا في العاصمة الأميركية يكاد يتلخص في أمرين أساسيين، الأول هو مغزاه بالنسبة للعراق، والثاني هو ما اذا كان سيقود الى فتح حوار اميركي مع طهران ودمشق.
ثمة أمور اخرى كثيرة، إلا انها لا ترقى في أهميتها الى هاتين المسألتين، من هذه الأمور الأخرى مثلا: إغفال اللجنة لأي حديث عن «نشر الديموقراطية» في المنطقة، ومنها الربط المباشر بين إحلال السلام في الشرق الأوسط وإعادة الاستقرار الى العراق.
فيما يتعلق بالعراق فإن التقرير يكشف بوضوح انه «مر» على سيناريوهات الإدارة السابقة، اي سيناريو زيادة القوات، وسيناريو ابقائها على ما هي عليه، ثم سيناريو خفض أعدادها.
بشأن الخيار الأول فإن واقعة محددة تكشف الإطار الذي ناقشت بداخله اللجنة افتراض زيادة عدد القوات، وتتلخص تلك الواقعة في ان عضو اللجنة فرانك وولف سافر الى العراق لبحث الأمور ميدانيا، وخلص من بحثه الى ضرورة زيادة القوات بعدد يتراوح بين 100 و200 الف جندي اضافي.
وعاد وولف الى واشنطن مصمماً على ان ذلك هو الاختيار الوحيد الصحيح، واتصل ببقية الأعضاء ليفاجئهم برأيه، ووضع العسكريون ردا مختصرا على وولف خلاصته: المتاح أمام القوات المسلحة الأميركية لزيادة أعدادها في العراق لا يتجاوز 20 الف جندي اضافي.
وهكذا تم وضع اقتراح وولف المتحمس على الرف، أما اقتراح ابقاء القوات الأميركية على مستواها الحالي فإنه كان يتناقض من حيث الجوهر مع رؤية الديموقراطيين الذين فازوا للتو بأغلبية مقاعد مجلسي الكونغرس، وكان تركيب اللجنة يضمن لهؤلاء الديموقراطيين نصف مقاعدها.
ويبدو ان جهود ردم الهوة بين بيكر وبيري أثمرت عن اتفاق على صيغة سحب أعداد من القوات ببداية 2008 وزيادة أعداد المدربين في خط مواز، وانتهى الأمر الى ذلك بالفعل.
ولكن المشكلة هنا هي انه ليس لدى الولايات المتحدة أعداد كبيرة من المدربين، فالتقديرات الشائعة تضع الرقم المطلوب عند 20 ألف مدرب، وقد بدأت بالفعل في صحراء كنساس عمليات تدريب المدربين، غير ان هذه العمليات تستغرق في أقل تقدير للعسكريين المسؤولين نحو عام كامل كي يتخرج منها مدربون أكفاء.
فضلا عن ذلك، فان القوات العراقية التي ستتلقى التدريب تعاني هي نفسها ـ لا من نقص التدريب، ولكن من الاستقطابات الطائفية والتأثيرات الخارجية، ما لم ترفق هذه الصيغة التدريبية بمصالحة وطنية عراقية ورؤية اقليمية موحدة لأهمية اعادة الاستقرار الى العراق.
ثمة شكوك حقيقية اذن في ان يتمكن هذا «الحل» العسكري ـ أي حل الـ 20 ألف مدرب ـ من تحقيق شيء يذكر، ولعل ذلك ما جعل تقرير اللجنة يربط القضية بأكملها ـ وبأجزائها المختلفة ـ بنظرة ديبلوماسية إقليميا وداخل العراق.
في هذا السياق يأتي الأمر المهم الثاني، أي أمر التفاوض المقترح بين واشنطن من جهة وكل من ايران وسورية من الجهة الأخرى.
وما يقال في واشنطن الآن يشير الى ان الزخم السياسي الذي يحدثه تقرير بيكر ـ هاملتون يمكن ان يفضي الى تخلي الادارة عن شرط وقف انشطة تخصيب اليورانيوم، بل وتخليها عن شرط حصر المفاوضات في العراق وحده، اذ يدرك الجميع ان هذه الأمور لم تعد عملية.
أما بشأن سورية، فان الأمر يختلف عنه في الحالة الايرانية بصورة واضحة، ويكفي هنا ان نشير الى واقعة واحدة، تلك هي ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ارسل الى البيت الابيض اقتراحا بأن تستجيب اسرائيل لدعوات الرئيس بشار الأسد التي صرح بها خلال مقابلات صحافية ببدء تفاوض جاد معها من حيث توقفت المفاوضات السابقة، بيد ان واشنطن رفضت ذلك على أساس ان توازن القوى في المنطقة لن يجعل هذه المفاوضات متوازنة، لاسيما بعد الانكسار الاسرائيلي في الحرب الأخيرة ضد لبنان.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ان التقرير دعا على نحو مباشر الى بدء حوار اميركي ـ سوري حول العراق، وفي هذا السياق فان الملاحظ ان ذرائع الادارة لتجنب هذا الحوار تتهاوى بسرعة، أي ان النقطة الأولى التي قد تتحقق من تقرير بيكر ـ هاملتون قد تكون بدء حوار بين واشنطن ودمشق.
اقرأ أيضاً