بيروت ـ ناجي يونس
تحدث نائب سابق من قوى 8 آذار لـ «الأنباء» عن تحولات مرتقبة في لبنان والمنطقة، مرتبطة بفشل مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي طرحه النظام الجمهوري الاميركي، بعد صدور تقرير بيكر ـ هاملتون، الحاكم لتوجهات الادارة الاميركية الحاضرة. وتنطلق المعادلة الجديدة في المنطقة من ملامح التغيير الجذري في السياسات الاميركية والغربية والعربية حيال سورية والواقعية في التعامل، وهي ستترك بصماتها في لبنان والتوجهات التي ستفرض نفسها على السياسيين اللبنانيين. ولعل السيبة الاساسية في المنطقة تستند الى الترويكا الاكثر قوة وهي ايران وتركيا واسرائيل، وتلعب سورية الدور المحوري ونقطة التقاطع بين هذه الدول. وان هذا التفاهم سيستمر فترة بانتظار التطورات وبقدر ما يترسخ بقدر ما يدوم اكثر ويشهد اللبنانيون مزيدا من الايجابيات على مختلف الاصعدة. ورأى انه لاتزال هناك عقبة اقناع ايران بالسكوت عن اسرائيل، وهو عامل خطر جدا، اذ تستطيع طهران ان تخربط كل شيء في المنطقة وتحسب لها الدول الغربية ألف حساب قبل القيام بأي مغامرة سترتد على المخططين لها.
واضاف: يقف الجميع بانتظار مسار الامور والمباحثات حول الملف النووي الايراني، مع انه يمكن ترجيح الاتجاه ناحية ترسيخ التفاهم بين طهران والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، مما يدفع الى استبعاد أي خيار عسكري وأي عدوان اسرائيلي على لبنان. ومن جهة اسرائيل فهي تدرك ان اي عدوان على لبنان لن يكون نزهة على الاطلاق، وهو سيترك التداعيات السلبية على الدولة العبرية بدرجة اولى، اضافة الى غياب اي اطار فعلي للعوامل الدولية والاقليمية المناسبة لأي خطوة من هذا القبيل.
تحالف خماسي
ومن هنا فإن الحياة السياسية اللبنانية ستنطلق من تحالف خماسي بين الحريري والنائب جنبلاط وحزب الله وحركة أمل والعماد عون تحت شبهة مظلة تفاهم سوري ـ سعودي. وسيلعب عون الدور المسيحي المركزي وهو سيحصل على الحصة الكبرى من التعيينات المرتقبة من دون ان يكون التفاهم على اعادة المديرية العامة للأمن العام الى الموارنة قد سلك دربه الى التحقق. وسيتعزز موقع رئاسة الجمهورية سياسيا ووطنيا وسيبقى الحريري بالصورة التي يطل بها على الناس ويتعاطى من خلالها مع القضايا اللبنانية والخارجية، وهو سيستمر الاقوى سنيا مع حرصه الدائم على تعزيز تقاربه من السوريين اقله على ألا يتسبب بما يفضي الى وقوع الخلاف بينه وبينهم بأي شكل من الاشكال. وفي تقديره ان د.سمير جعجع سيبقى قريبا من الحريري ومن التفاهم السوري ـ السعودي وسيتحاشى تكرار الخطأ الذي وقع فيه بعد اتفاق الطائف.
في أحسن الاحوال سيكون الاستقرار اللبناني السياسي والمؤسساتي والأمني والاقتصادي شبه هش أو شبه طبيعي، ولن تتحقق خطوات اصلاحية ذات شأن مع فارق نوعي في النمو الممكن في مجال الاستثمار والحركة العقارية والاقبال السياحي. ان اوضاعا مماثلة لن تتيح اطلاق العجلة الاصلاحية في مختلف القطاعات اسوة بما يتوق اليه الشعب اللبناني الذي لن يرى ان تطلعاته ستتحقق اذا عادت «القاعدة» الى التحرك من الساحة اللبنانية.
نصائح للمسيحيين
ويدعو النائب السابق المعارض وهو مسيحي، المسيحيين الى وعي انهم الاداة التي يتم استخدامها باستمرار لأي صراع لا يعنيهم، وعليهم ان يتفادوا أي ثمن يدفعونه بلا طائل، وقد بدأت الملامح تظهر من هذه الزاوية وليس مستبعدا ان تتصاعد المطالبة بتعزيز صلاحيات الرئاسة الاولى وتطبيق اللامركزية واقرار قانون الانتخاب الذي يتيح للمسيحيين ان يكونوا هم من يختارون نوابهم الـ 64 فعليا، ووضع نظام داخلي لمجلس الوزراء بموجب اتفاق الطائف، اضافة الى كسر الاصطفاف القائم في المعادلة المسيحية بدرجة اولى. يجب ان يبحث المسيحيون عن السياسات التي تعيدهم الى السلطة وبقوة والتي تتيح لهم لعب الأدوار الاساسية في كل المحطات، مما يحتم انتقاء التحالفات الاكثر ملاءمة. يمكن ان تستمر الحكومة الى نهاية ولاية مجلس النواب الراهن، وقد تسقط في المدى المنظور، حيث سيعاد تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة وهي ستنطلق من تفاهمات اخرى وفقا للظروف التي ستسود حينذاك وقد لا يتم اتباع قاعدة 15 - 10 - 5.