ذهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعيدا في معركته الانتخابية مثيرا مخاوف غير مسبوقة وتنديدا واسعا حين رفض التعهد بنقل سلمي للسلطة في حال خسارته أمام منافسه الديموقراطي جو بايدن، في وقت حظي الأخير بتأييد نحو 500 من العسكريين والخبراء ومسؤولي البيت الابيض السابقين ما قد يشكل صفعة قوية للرئيس.
وأتى كلام ترامب ردا على صحافي سأله ما اذا كان يتعهد الالتزام بأبسط قواعد الديموقراطية في الولايات المتحدة وهي نقل السلطة بشكل سلمي حين يتغير الرئيس، فقال «يجب أن نرى ما سيحصل».
وبدا ترامب خلال مؤتمر صحافي فجر أمس، وكأنه يشير الى احتمال إلغاء بطاقات الاقتراع التي ترسل بالبريد. وقال «فلنتخلص من هذه البطاقات وسيكون الأمر سلميا جدا، ولن يحصل نقل فعلي (للسلطة) سيكون الأمر مجرد استمرارية».
وأضاف «تعلمون انني كنت اشتكي بقوة بشأن هذه البطاقات، وهي تشكل كارثة». في حلقة جديدة من مسلسل التشكيك بظروف الانتخابات ولاسيما التصويت عبر البريد التي يتوقع ان يلجأ إليه عدد قياسي من الاميركيين بسبب مخاوف انتشار وباء كورونا، معتبرا أن هذا التصويت يؤدي الى عمليات تزوير.
وسارع بايدن الى التعليق على تصريحات ترامب قائلا «في أي بلد نعيش؟» مضيفا «هو يقول أكثر الأمور غير العقلانية. لا أعرف ما أقول».
ويرى المرشح الديموقراطي أن هذه فترة صعبة في تاريخ أميركا، وأن سياسة دونالد ترامب الغاضبة والمثيرة للانقسام ليست حلا، وأن البلاد تحتاج إلى القيادة التي يمكن أن توحد الأميركيين، وتجمعهم.
ويضيف: «حان الوقت لإنهاء «موسم الظلام»، متعهدا بتنفيذ استراتيجية وطنية لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، في الولايات المتحدة».
لكن الانتقادات لم تكن من الديموقراطيين فقط حيث ذهب السناتور الجمهوري ميت رومني أبعد من ذلك قائلا إن ابداء أي تردد بشأن تطبيق ما يضمنه الدستور «أمر لا يعقل وغير مقبول».
وكتب في تغريدة «النقل السلمي للسلطة أمر أساسي للديموقراطية، بدون ذلك سنكون أشبه ببيلاروس».
وبعدما كان يوما أحد أكبر مستشاري الرئيس العسكريين، انضم الجنرال المتقاعد بول سيلفا إلى مجموعة كبيرة من قادة وزارة الدفاع (الپنتاغون) السابقين في إعلانهم تأييد بايدن، بحسب رويترز.
ويظهر اسم سيلفا، الذي كان نائب رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة حتى يوليو 2019، على قائمة تضم 489 من خبراء الأمن القومي، بينهم قادة عسكريون ومسؤولون بالبيت الأبيض وسفراء سابقون، وقعوا على خطابا أمس يعلنون فيه أن ترامب «ليس ندا للمسؤوليات الجسيمة لمنصبه».
ويقول الخطاب، وعنوانه «قادة الأمن القومي من أجل بايدن» إن «بفضل سلوك (ترامب) المتعالي وإخفاقاته، لم يعد حلفاؤنا يثقون فينا أو يحترموننا ولم يعد أعداؤنا يخشوننا».
وفي تصريح استفزازي آخر أعرب ترامب عن اعتقاده أن الأمر سينتهي بانتخابات 2020 الرئاسية في المحكمة العليا مضيفا أنه يعتقد بأن «هذا هو سبب أهمية وجود تسعة قضاة»، وذلك يفسر ربما استعجاله الاعلان عن مرشحه لخلافة القاضية الراحلة روث بادر غينسبورغ غدا السبت رغم رفض الديموقراطيين، ومن المتوقع ان يعين شخصية محافظة مقربة منه لترسيخ هيمنة اليمين على المحكمة العليا لعقود قادمة، ما يعزز فرصه في حال طعن بنتيجة الانتخابات أمام المحكمة.
وقال ترامب، متحدثا في البيت الأبيض، إن السيناتور ليندزي غراهام، الذي يرأس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، لن يضطر حتى إلى عقد جلسة استماع لمرشح المحكمة العليا وأن العملية ستتم بسرعة.
ورغم انتقاده الشديد لها ومطالبتها بالاستقالة سابقا، ألقى ترامب أمس النظرة الأخيرة على جثمان القاضية الليبرالية الذي سجي في المحكمة العليا أمس على منصة نعش الرئيس السابق أبراهام لينكولن.
وتقام مراسم وطنية في مبنى الكابيتول المجاور اليوم. وستوارى الثرى في مراسم عائلية الأسبوع المقبل.
وبعد يومين على إلقائه النظرة الأخيرة يعلن ترامب اختياره لخلافتها غدا. والمرشحات هن خمس نساء من بينهن آيمي كوني باريت التي تحظى بتأييد الأوساط الدينية، والقاضية المحافظة الكوبية الأصل باربرا لاغوا، وجوان لارسن عضو المحكمة العليا في ولاية ميتشيغان والمفضلة للعديد من الجماعات المحافظة، وأليسون راشينغ وهي أصغر المرشحات للمنصب وتبلغ من العمر 38 عاما، إضافة إلى كيت كومرفورد تود، التي تعد الأقل حظا، فهي محامية وليست قاضية.
من جهة أخرى، يبدو أن حادثة مقتل جورج فلويد الاميركي من اصل افريقي على يد شرطي ابيض التي فجرت احتجاجات غير مسبوقة ضد العنصرية، لن تتوقف حتى فترة طويلة حيث نزل متظاهرون غاضبون إلى شوارع مدن أميركية عدة تنديدا بقرار قضائي اعتبروه متساهلا جدا مع عناصر الشرطة الذين قتلوا في مارس الماضي الأميركية السوداء بريونا تايلور في لويفيل. وفي وقت سابق تجمع مئات الأشخاص بعضهم مدجج بالسلاح في ساحة جيفرسون في وسط المدينة في أجواء توتر قبل أن تفرقهم الشرطة قبيل دخول حظر التجول حيز التنفيذ.
وقال قائد شرطة لويفيل بالإنابة روبرت شرويدر خلال مؤتمر صحافي إنّ «عنصرين من الشرطة أصيبا بالرصاص، وهما يتلقّيان العلاج في المستشفى الجامعي».
وشهدت مدن أخرى منها بوسطن ونيويورك وواشنطن وفيلادلفيا تجمعات عفوية فيما تسجل في البلاد منذ أشهر عدة موجة تظاهرات واحتجاجات ضد العنصرية.
وأتى غضب المتظاهرين هذه المرة من عدم ملاحقة أي من عناصر الشرطة الثلاثة الذين اقتحموا منزل بريونا تايلور (26 عاما) بتهمة القتل.
وقال محامي عائلة الشابة بن كرامب إن القرار «فضيحة وإهانة».