يعد تنظيما «داعش» و«القاعدة» غريمين فكريين لا يلتقيان، وفي الميدان هما عدوان يسفكان دماء بعضهما البعض.
وفي 11 سبتمبر 2001، نفذ تنظيم القاعدة الهجوم الأكثر دموية في التاريخ على برجي التجارة في نيويورك، والذي أسفر عن مقتل 3 آلاف شخص.
وبين عامي 2014 و2019، أعلن تنظيم «داعش» دولته في العراق وسورية قبل أن يمنى بالهزيمة تحت ضغط ضربات التحالف الدولي.
ويهيمن التنظيمان بذلك على الساحة العالمية منذ سنوات، لكن بينهما منازعات تؤدي أحيانا إلى أن يكرسا طاقاتهما في قتال بعضهما البعض.
وفي مثال حديث على ذلك، نشر تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا مقطع ڤيديو يظهر رجالا يذبحون مقاتلين قُدّموا على أنهم عناصر في جماعة تابعة لتنظيم «القاعدة»، معلنين قتل 52 منهم.
في هذا الصدد، يعتبر محمد حافظ الأستاذ في جامعة مونتيري في كالفورنيا في مقال نشر في مجلة «سي تي سي سانتينل» أن حدة المعارك مع الجيوش العربية والغربية كان من شأنها توحيد التنظيمين.
لكن بحسب حافظ «ففي الواقع واعتبارا من عام 2013، دخلا بالعمق في عنف أخوي في مناطق نزاع متعددة، بدءا بسورية ثم ليبيا، وصولا إلى اليمن وأفغانستان»، ومؤخرا في الساحل الأفريقي.
وغالبا ما تكون أسباب المعارك بين الفروع التي تبايع أحد التنظيمين غير مهمة، كالاختلاف مثلا على السيطرة في منطقة ما، أو التحكم بحركة السير، وإعادة توزيع المناصب بعد وفاة قياديين كانوا متفاهمين فيما بينهم.
لكن الخلاف بينهما أيديولوجي أيضا، ففي أبريل الماضي نشر تنظيم «داعش» مقطع ڤيديو مدته 52 دقيقة مخصص بشكل أساسي لاستعراض لما سمي بانحرافات «القاعدة».
ويشرح توماس جوسلين من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أن «الدولة المعلنة بشكل ذاتي من قبل «داعش» أنشأت كرها مؤسسيا مهما تجاه القاعدة»، مضيفا أن الجماعتين تجدان أحيانا نقاط تلاق معينة لكن «مصالحة شاملة ليست بالأمر المرجح على المدى القصير».
من أين تأتي كل هذه الكراهية؟ المسألة في البداية مسألة أولويات.
وكتب ناتانييل بونتيشيلي في المجلة الدولية والاستراتيجية الصادرة عن معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس أن «القاعدة تعتبر تدمير الغرب شرطا مسبقا لإنشاء دولة»، أما تنظيم «داعش» من جهته فيضع «تأسيس دولته في الأراضي المحررة كشرط مسبق لمعارك ستسمح بضرب العدو في الصميم».
ويريد داعش أيضا فرض تمييز أخلاقي نقي تماما بين الخير والشر، في حين أن «القاعدة» يسمح بالتعامل مع السكان والجماعات الأخرى وحتى الدول.
تشبه قاتل
يمكن ملاحظة أوجه الاختلاف بين التنظيمين من خلال طريقة تعاملهما مع العالم الخارجي.
وغالبا ما تتألف مقاطع الڤيديو القليلة التي يبثها تنظيم القاعدة من مواعظ أو خطب طويلة، تحتاج متابعتها لتركيز، كما تشير لورانس بيندير إحدى مؤسسي «جي أو إس بروجكت» وهو منصة لتحليل الدعاية المتطرفة على الإنترنت.
وتوضح أنه «لا عنف شديد فيها. توجد رغبة بعدم تنفير السكان المحليين، وكسب القلوب والعقول»، مستعيدة التعبير الغربي الشهير المطبق في إطار مكافحة التمرد.
وأضافت «على العكس فإن تنظيم داعش لديه استراتيجية تجنيد في كل اتجاه. لذا يسعون لأن يكونوا منتشرين» باستراتيجية تواصل موحدة في جميع أنحاء العالم.
ويجمع الخبراء على أن هذه الحروب الداخلية التي أسفرت ـ وفق محمد حافظ ـ عن مقتل 300 من عناصر التنظيمات المتطرفة في الساحل منذ يوليو الماضي، لا تخدم معركة مكافحة الإرهاب.
وعلى المستوى العالمي كما المحلي، يتنافس داعش والقاعدة على تأييد المقاتلين وجذب اهتمام الإعلام، مستخدمين كوسيلة أساسية وفتاكة «التصعيد والتصعيد المضاد».