أحمد سليمان
أعاد قرار الكونغرس الأخير بشأن ضرورة إحراز مصر تقدما في ملف حقوق الإنسان نظير صرف ما قيمته 300 مليون دولار من المساعدات المقدرة بـ 1.3 مليار دولار سنويا، الجدل من جديد حول كيفية تعامل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن - ذي الخلفية الديموقراطية - مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة بعدما ترددت أنباء أنه سيبدأ فترة حكمه بزيارة للمنطقة العربية دون المرور بالقاهرة، ما طرح في أوساط المتخصصين عددا من التساؤلات حول شكل وطبيعة العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأربع القادمة، بل وعزز المخاوف من فرص التوتر في عدد من الملفات المرشحة لأن تكون أكثر تداولا في المرحلة المقبلة.
ولم تقدم إدارة بايدن أي تصريحات حتى الآن تتعلق بسياستها الخارجية مع مصر، غير تغريدة نشرها المرشح لمنصب وزير الخارجية أنتوني بلينكن في نوفمبر الماضي حول حبس نشطاء في مصر، وجاء بعدها بشهر تقريبا قرار الكونغرس، ما اعتبره المختصون أنه تعبير عن اتجاه جديد في شكل العلاقات ترفضه الإدارة المصرية بشدة، وقد بدا جليا في تصريحات سابقة للرئيس السيسي خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون حين قال ان الدولة المصرية تسعى الى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأمن والاستقرار من ناحية، وحماية حقوق الإنسان من ناحية أخرى.
والأرجح أن ثمة مؤشرات تبدو كاشفة عن سعي الإدارة المصرية لتجاوز نقاط الخلاف تلك مع واشنطن، حيث يعلم الطرفان قيمة تأثير الآخر في الكثير من الملفات، فضلا عن أن الرئيس السيسي كان من أوائل من بعثوا رسالة تهنئة لبايدن عشية ظهور نتائج الانتخابات أكد فيها على تطلعه للتعاون والعمل المشترك من أجل تعزيز العلاقات الثنائية الإستراتيجية بين البلدين بما فيه صالح الشعبين الصديقين، ما يعني أن وجود وجهات نظر مختلفة بين البلدين في أحيان سابقة لن تؤثر على التلاقي العام في الرؤى ودفع مسار العلاقات إلى آفاق متجددة.
ورغم أن تصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب قبل أسابيع من نهاية حكمه بشأن احتمالية استخدام مصر المساعدات الأميركية لشراء معدات عسكرية روسية أمر ليس صحيحا بخلاف أنه يتنافى وبنود اتفاقية السلام كونها ليست أموال سائلة بل معدات أميركية، إلا أن الموقف الأميركي يمكن البناء عليه في ضوء وجود احتمال وإن كان ضعيفا لمحاولة استخدام المعونة من جديد كورقة ضغط على مصر لتبني سياسات أو العزوف عن سياسات لا تتوافق ورؤية الإدارة في واشنطن في ضوء ما يربط القاهرة بمصالح استراتيجية مع موسكو لا يمكن الاستغناء عنها.