القاهرة - خديجة حمودة
أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن مباحثاته مع نظيره التونسي قيس سعيد عكست إرادتنا المشتركة نحو تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين والارتقاء بها في مختلف المجالات إلى آفاق أرحب، وذلك من خلال تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق بين البلدين على كافة المستويات سواء فيما يتعلق بالموضوعات الثنائية أو بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تعزيز التقارب بين البلدين والشعبين الشقيقين، وأخذا في الاعتبار التحديات المشتركة التي تواجه مصر وتونس، وفي مقدمتها تحقيق التنمية الشاملة، ومواجهة التدخلات الإقليمية السلبية في المنطقة، ومنع تقويض الدولة الوطنية، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد عقب مباحثاتهما امس بقصر الاتحادية.
وأعرب الرئيس السيسي عن سعادته بلقاء نظيره التونسي قيس سعيد، مثمنا الدور الذي تقوم به تونس باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن، وما تبذله من جهود لدعم القضايا العربية، معربا عن تطلعه إلى المزيد من التعاون الوثيق بين بلدينا لما فيه المصلحة المشتركة لنا ولأمتنا العربية، متمنيا لتونس وشعبها الشقيق كل الخير والاستقرار والرفاهية.
وقال الرئيس السيسي إن المباحثات عكست مدى التقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال مجمل القضايا، كما حظيت جهود تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية بين البلدين باهتمام خاص في مباحثاتنا، مؤكدا استعداد مصر لتطوير هذا التعاون بما يحقق أهداف التنمية في البلدين سواء على مستوى التبادل التجاري أو الاستثماري والذي نأمل أن يرتقى إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بيننا، مشيرا إلى أنه أجرى مع الرئيس التونسي مباحثات مكثفة وبناءة تناولت عددا كبيرا من الموضوعات الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المتبادل بين البلدين، وأضاف أنه تم استعراض القضايا المطروحة على الساحة العربية، وأكدنا أهمية دعم العمل العربي المشترك، والحفاظ على الأمن القومي العربي، وحماية وحدة أراضي وسلامة واستقلالية الدول العربية، وتعزيز مفهوم الدولة الوطنية، ورفض كافة محاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول العربية.
كما أكدنا أهمية مواصلة الجهود العربية من أجل دعم القضية الفلسطينية كونها القضية المحورية للعالم العربي، وضرورة بذل الجهود لتطبيق مبدأ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح أن المباحثات تناولت أيضا تطورات الأزمة الليبية، وأكدنا ضرورة تفعيل الدور العربي إزاء هذه الأزمة، ورحبنا بما تم التوصل إليه مؤخرا من تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا، وأكدنا استعدادنا لتقديم كل أشكال الدعم لها بما يمكنها من أداء دورها في إدارة المرحلة الانتقالية، وعقد الانتخابات في موعدها المقرر نهاية العام الحالي، وإنهاء التدخلات الخارجية وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين والإرهابيين الأجانب من ليبيا بما يضمن استعادتها لاستقرارها الكامل والمنشود ويصون سيادتها ووحدة أراضيها ومقدرات الشعب الليبي الشقيق.
وأشار إلى أن المباحثات تناولت قضية الأمن المائي المصري كونه جزءا من الأمن القومي العربي، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الحقوق المائية لمصر باعتبارها قضية مصيرية، لافتا إلى أن الرئيس التونسي ثمن من جانبه الجهود التي تبذلها مصر للتوصل إلى اتفاق عادل وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وقال إن المباحثات تطرقت إلى آفاق العمل المشترك على الساحة الأفريقية وكيفية دعم العمل الأفريقي في ظل الدور المهم الذي تلعبه كل من مصر وتونس في هذا الشأن.
وأضاف انه تم بحث سبل الارتقاء بالتعاون الثقافي بين البلدين في مختلف جوانبه، بما يسهم في تعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين، خاصة أن للثقافة دورا مهماً في التصدي لمخاطر التطرف الفكري التي تواجهها دول المنطقة، واتفقنا على إعلان «عام 2021-2022 عاما للثقافة المصرية- التونسية» من خلال تفعيل الأنشطة الثقافية والفنية المشتركة بمختلف مناحيها في كل من مصر وتونس، بما يعكس التاريخ المشترك بين الشعبين والتواصل القائم بينهما.
وأوضح انه تم التأكيد كذلك على أهمية تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مقاربة شاملة للتصدي لتلك الظاهرة بمختلف أبعادها الأمنية، والاقتصادية والاجتماعية، والتنموية، والفكرية والأيديولوجية، وكذلك من خلال مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء، وتقويض قدرتها على استقطاب أو تجنيد عناصر جديدة، وتجفيف منابع تمويلها، بالإضافة إلى أهمية مواجهة الفكر المتطرف الذي يشكل تهديدا على المنطقة وشعوبها.
من جانبه، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أن لن يتم القبول بالمساس بالأمن المائي لمصر، مشددا على أن الأمن القومي لمصر هو جزء من الأمن القومي التونسي.
وقال الرئيس قيس سعيد، خلال المؤتمر، إننا نبحث عن حلول عادلة لقضية التوزيع العادل للمياه، ولكن الأمن القومي لمصر هو أمننا وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا».
وتابع: «أقول هذا عن قناعة تامة لأننا قرأنا التاريخ جيدا ونستشرف المستقبل جيدا ولن نقبل أبدا بأن يتم المساس بالأمن المائي لمصر»، مضيفا «أن الرئيس السيسي تحدث عن حلول عادلة ولكن ليس على حساب مصر وعلى حساب أمتنا».
وأضاف أن المباحثات تناولت القضية الليبية، متمنيا أن تسير ليبيا في الاتجاه الصحيح، مشددا على اتفاق البلدين منذ أشهر على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وأنه لا مجال لتقسيم ليبيا، محذرا من أن التقسيم سيكون مقدمة لتقسيمات أخرى.