أحمد سليمان
شهدت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى مصر زخما واسعا، انطلاقا من محددات العلاقات بين القاهرة وباريس، القائمة على المصالح المتبادلة بين البلدين، واكتسبت أهمية خاصة في المجال الاقتصادي - بفعل تأكيد ماكرون على أن بلاده عازمة على مشاركة مصر في برنامجها التنموي الطموح، هذه الشراكة ترتكز على إدراك الجانب الفرنسي على عودة مصر للعمل بقوة كفاعل مؤثر في الميدان العالمي وبقواعد مستحدثة غير السابق، فكان التوقيع على 8 اتفاقيات عززتها باريس بتمويل قدره مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة.
ولما كان العنصر الاقتصادي هو المحرك الأول والأساسي في التحولات الراهنة في العالم، وفي قدرة استراتيجيات الدول على أن تكون فاعلة أو معدومة الفعل، فإن الذين يقرأون الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الجانبين نهاية 2017 وخلال زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة سيجد أنها ارتكزت على البنية التحتية والنقل والثقافة، فضلا عن 32 اتفاقا وبروتوكول تعاون وعقودا استثمارية تم التوقيع عليها في مجالات الصحة والتموين وريادة الأعمال والاتصالات وتكنولوجيا السيارات والطاقة المتجددة... الخ خلال أعمال المنتدى المصري- الفرنسي.
لقد حقق ميزان التبادل التجاري بين البلدين ما قيمته 2.2 مليار يورو، حيث بلغت الصادرات المصرية الى الأسواق الفرنسية 560 مليونا بزيادة قدرها 7.3% عن العام 2017 فيما بلغت الواردات الفرنسية لمصر في حدود 1.6 مليار يورو. لكن تبقى التحديات الأمنية التي انتابت العالم ومنها فرنسا أحد محددات العلاقات التي تربط فرنسا بمنطقتنا العربية القضايا السياسية المتشابكة والتي أعلن عنها خلال المؤتمر الصحافي بين الرئيسين عبدالفتاح السيسي وايمانويل ماكرون ومنها (الأزمة السورية ـ تداعيات ثورات الربيع العربي ـ الصراع العربي- الاسرائيلي - محاربة الارهاب)، وهو الأمر الذي أكدت عليه الادارة المصرية ومفاده أن صياغة استراتيجية انطلاقا الحرص الأوروبي على الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط غير كافية نظرا لطبيعة وخصوصية المنطقة التي تتطلب التنسيق الكامل مع الأطراف الفاعلة في تلك الأزمات نظرا لارتباطها بالأمن القومي العربي بشكل رئيسي وليس فقط بأوروبا.
إن محددات الشراكة الاستراتيجية التي تنتهجها القاهرة من بعد 2013 مع الجانب الأوروبي تستند الى تغير في أوزان القوى الفاعلة بالنظام العالمي والتي أتاحت لمصر أخرى وجماعات استراتيجية ذات المصالح المشتركة لتسهم في تشكيل خريطة جديدة للقوى العالمية المؤثرة في النظام الدولي انطلاقا من ثوابت المصالح الاقتصادية المختلفة والموقع الجيوسياسي للدولة.