بيروت ـ عمر حبنجر
قــد يكـون لانشغال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانتخاباته الرئاسية، وانصراف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى إزالة آثار تصريحاته بشأن الرسم الكاريكاتوري المسيء لسيد الخلق، علاقة بالفوضى السياسية المستجدة في لبنان، والتي غالبا ما تحدث عندما يغيب المخرج، تاركا المهمة على عهدة الممثلين.
والأساس ان تشكيل الحكومة اللبنانية مازال في فترة «التأني» التي تحدثت عنها البيانات الإعلامية للمكاتب الرئاسية، ريثما، كما يبدو، تمر الاستحقاقات الدولية والإقليمية المشروطة، كالانتخابات الرئاسية الأميركية وترسيم الحدود المائية جنوبا مع اسرائيل، ما يعني ان التراشقات السياسية التي شهدها مسرح تشكيل الحكومة بين مختلف القوى، مجرد فواصل موسيقية بين مشهد وآخر.
ظاهر الاختلاف هذه المرة قديم... الرئيس المكلف سعد الحريري مصر على حكومة من 18 وزيرا، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يريد لكل وزير وزارة، ما يعني 20 وزيرا، وما فوق، بينما المبادرة الفرنسية الهائمة في متاهات اللعبة الاقليمية، وأدواتها المحلية، تتحدث عن حكومة رشيقة من 14 وزيرا.
الحريري وعد وليد جنبلاط بوزارة الصحة، وحزب الله متمسك بها، الحريري وعد سليمان فرنجية بوزيرين للمردة مقابل التنازل عن وزارة الأشغال العامة، والنائب جبران باسيل يرفض مثل هذه المكافأة لمنافسه المفترض على رئاسة الجمهورية العتيدة.
وهذه الاحتكاكات المتعاكسة ولدت شررا من الكلام والمصطلحات، اشعل الحريق مجددا بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر عرابي تشكيل الحكومة.
وبدأ الاحتكاك، مع بيان الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر، التي اجتمعت برئاسة جبران باسيل، ودعت الى الاسراع في تشكيل الحكومة وعدم ربط التأليف بأي عامل او تطور خارجي، واحترام وحدة المعايير الميثاقية في عملية التأليف، وان يكون هناك وزير متخصص على رأس كل وزارة.
في المقابل سارع عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش، الى الرد هجوميا على باسيل، حيث قال في تغريدة تويترية: «يبدو لي ان «ولي العهد» متخصص بتيئيس الناس بعد كل بارقة امل.. لقد اصر على توسيع رقعة التوزير ليحافظ على قدرة التعطيل».
وحمل علوش، الرئيس ميشال عون جزءا من المسؤولية عن تدمير الفترة المتبقية من عهده، والا فعليه ان يردع صهره. وقال الصحافي القريب من تيار المستقبل محمد نمر، مخاطبا باسيل بقوله: صاحب حكومة حسان دياب الفاشل يريد ان يكرر تجربته، «ولا بأحلامك... وعلى مهلك لترضى..». البطريرك الماروني بشارة الراعي، تابع حملته على معرقلي تشكيل الحكومة، وقال في عظة قداس الأحد من بكركي أمس: هناك استغناء عن الله وكلامه، واستحضار للولاءات الشخصية والخارجية وفوضى جراء السلاح المتفلت، والتهريب وتسييس القضاء وسلطة غائبة وضعيفة، وتساءل: بأي حق يعرقلون الحكومة الجديدة، ألا يخجلون من الله ومن ذواتهم؟
وفيما يختص بترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل اوجب ان تشمل الحدود البرية تثبيتا لحق لبنان، مؤكدا على ان الحدود مرسمة منذ العام 1920، وقد أعيد التأكيد عليها في اتفاقية الهدنة، ونحن نتمسك بوحدة لبنان وكيانه.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اعتبر ان ما يحصل حكوميا حتى الآن غير مشجع.
وقال لموقع «أم تي في» بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لانتخاب الرئيس ميشال عون «انه حاول شخصيا ومرارا ان يلفت نظره الى العديد من الأخطاء، قبل خروج معارضة القوات الى العلن، الا انه لم يفلح، لأن هاجس توريث الرئاسة منع نجاح العهد، معتبرا ان افضل طريقة لتوريث الرئاسة كانت بممارسة عون رئاسته كما يجب.