توقف مراقبون سياسيون عند ثلاثة مواقف محلية اكتسبت دلالات سياسية وأثارت اهتماما وإن بدرجات متفاوتة:
1ـ موقف الوزير محمد الصفدي الذي أعلنه من الرابية بعد زيارته للعماد ميشال عون، وجاء فيه: «العلاقة التي كانت تربط الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع حزب الله كانت علاقة أخوة اكثر من اي شيء آخر، واي موضوع ممكن ان يوجه اي اصبع اتهام الى حزب الله هو موضوع مرفوض أصلا»، مشيرا الى ان «للرئيس سعد الحريري الدور الأوسع والأكبر لتخطي هذا الموضوع». هذا الموقف الذي يذهب الى حد رفض قرار المحكمة الدولية اذا كان سيتهم حزب الله والذي انتظر حزب الله وينتظر صدوره عن الرئيس سعد الحريري، يعد موقفا نوعيا ومتقدما، لأنه أولا صادر عن أحد أقطاب طاولة الحوار ووزير في الحكومة وأحد قادة طرابلس السياسيين، ولأنه يعلن رفضا صريحا لاتهام حزب الله بأي شكل من الأشكال في تمايز واضح و«جريء» عن حلفائه من قوى 14 آذار.
وفي الواقع، سبق للوزير الصفدي ان سجل في مراحل مفصلية و«فتنوية» مثل هذا التمايز والاستقلالية. ففي مؤتمر سان كلو الباريسي فاجأ الجميع بطرحه الرافض لانتخاب رئيس الجمهورية بنصاب النصف زائد واحد، ولاحقا صار هذا الموقف موقف قادة 14 آذار وأولهم وليد جنبلاط. وقبل فترة وجيزة قرر الصفدي سياسة انفتاح وحوار مع النائب سليمان فرنجية في الشمال. واليوم يفتح الحريري خط اتصال وتواصل مباشر مع فرنجية ويذهب اليه. ولذلك يمكن القول ان الصفدي بموقفه الرافض لاتهام حزب الله يضع حجر الأساس لموقف ربما يكبر ويصبح موقفا وطنيا جامعا يعتمد أساسا عمليا لدرء الفتنة وخنقها في مهدها.
2ـ موقف رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية د.سمير جعجع وأكد فيه انه «سيرفض قرارا ظنيا يتوقع صدوره من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، اذا لم يقترن بالأدلة المقنعة». وقال في حديث الى وكالة «فرانس برس» أمس: «نحن أول من سيرفض القرار الظني في حال لم يقترن بالأدلة والإثباتات والوقائع المقنعة». واعتبر انه «ليس هناك من غبي بيننا ليقبل بأي شيء يورد بشكل غير منطقي ولا يستند الى أدلة». وهذا التوجه عكسه النائب عقاب صقر بعد لقائه جعجع في معراب مشددا على «أن كل قوى 14 آذار وتحديدا الرئيس الحريري تدرس بعناية الخطاب والافكار التي تقدم بها السيد نصرالله من أجل اعطاء فرصة للتأمل بها، اذ ان المهم ان يكون الهدف هو البحث عن حلول وحماية السلم الأهلي والابتعاد عن التشنج».
3ـ موقف أمين عام حزب الله الأسبق صبحي الطفيلي وفيه طرح لمخرج جديد من نوعه ودعوة الى «أولياء الدم» قاصدا الحريري الى التضحية والتسامح والعفو عن القتلة وإلغاء المحكمة، والى موقف متسامح يقطع الطريق على الكثير من الآلام ويحفظ المقاومة ويجهض الفتنة وقد يؤسس لمرحلة جديدة وواعدة.