-
قناة «المنار»: المحكمة مسيسةومتخمة بأجهزة الاستخبارات
-
ميرزا يعكف على دراسة القرار والمذكرات المصوغة باللغة الإنجليزية ليتخذ بشأنها الإجراء المناسب
-
الشيخ قبلان: «نصيحة» إلى اللبنانيين باستقبال القرارات الدولية والإقليمية والوطنية برحابة صدر «ولا تخرجوا من ثيابكم وكونوا حكماء في تصرفاتكم وعقلاء في تحركاتكم»
-
جعجع: المطلوب متابعة أعمال المحكمة وأي تملص يعد خيانة بحق الشهداء وأطالب قواعد «14 آذار» بالتصرف بحكمة
-
النقيب درباس: هناك مهلة محددة لتنفيذ المذكرات وستكون الحكومة تحت المجهر المحلي والدولي
-
النقيب اليان: ولاية المحكمة تشمل الجرائم الحاصلة من أول أكتوبر 2004 لغاية 12 ديسمبر 2005
بيروت ـ عمر حبنجر
السباق المحموم بين البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي والقرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، انتهى أمس، بالتعادل الزمني. البيان الوزاري تحرر من بند المحكمة الدولية بصيغة يغلب عليها الطابع الرمادي، اذ خلا من أي موقف واضح من المحكمة حيث سقطت من البند المتعلق بها عبارة «التزام التعاون مع المحكمة» التي كانت في بيان الحكومة السابقة ممهدة لصدوره ظهر امس، في نفس التوقيت الذي تسلم فيه النائب العام التمييزي سعيد ميرزا الشق اللبناني من القرار الاتهامي مرفقا بمذكرات القاء قبض غيابية بحق اربعة عناصر من حزب الله بصفتهم الشخصية.
صدور القرار
فمع وصول ثلاثة من قضاة المحكمة الدولية الى قصر العدل صباح امس الخميس للقاء النائب العام التمييزي سعيد ميرزا وسط اجراءات امنية ارتفعت اسهم الاستنتاجات القائلة بأن القرار الاتهامي صدر وان استعجال اللجنة الوزارية معالجة البند المتعلق بالمحكمة الدولية في البيان الوزاري ليلا، لم يكن عن عبث، وبالتالي ان ما قيل عن مزامنة البيان الوزاري مع القرار الاتهامي لم يكن مجرد لغو او تحليل.
ورغم الطبيعة المتكتمة للقاضي ميرزا فقد بدأت المعلومات عن ان الوفد القضائي الدولي يحمل معه الشق اللبناني في قرار الاتهام، واسماء اللبنانيين الأربعة المقرر اتهامهم مع مذكرات «إلقاء القبض» الغيابية الصادرة بحقهم.
تسريب المعلومات
وسرعان ما تبين ان تسريب المعلومات والاسماء مصدره السفارة الهولندية، التي كانت تسلمت في الصباح نسخة عن البيان، باعتبارها سفارة مقر المحكمة الدولية.
في هذا الوقت كان مجلس الوزراء منعقدا لاقرار البيان الوزاري، والذي جاء فيه أن الحكومة ستتابع «مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت لإحقاق الحق والعدالة»، وصار الوزراء يتسقطون اخبار القرار الاتهامي، حتى ان وزراء أمل وحزب الله علي حسن خليل وحسين الحاج حسن ومحمد فنيش خرجوا من قاعة المجلس ليجروا اتصالات ومشاورات مع مراجعهم، ثم تبين ان مجلس الوزراء كله بانتظار معلومة عن القرار، وقد طال الانتظار حتى أمكن الاتصال بالقاضي ميرزا واستيضاحه ولهذا تأخر صدور البيــان الوزاري الى الظهر.
بيان مختصر
القاضي ميرزا عاد ووزع بيانا مختصرا على وسائل الإعلام، تضمن انه تسلم نسخة عن قرار الاتهام مع لائحة بمذكرات توقيف لاربعة لبنانيين متهمين بالاشتراك في قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وآخرين، وانه اي القاضي ميرزا يعكف الآن على دراسة القرار والمذكرات المصوغة باللغة الانجليزية ليتخذ بشأنها الاجراء المناسب.
وسئل ميرزا صحة اسماء المطلوبين الاربعة، فلم ينف أو يؤكد.
تعليمات للحزب وأمل.. ممنوع رد الفعل
في هذا الوقت ذكرت مصادر متابعة ومسؤولة لـ «الأنباء» ان تعليمات مشتركة صدرت من قيادتي حزب الله وحركة امل الى محازبيهما، بحظر اي تحرك او رد فعل عند صدور قرار الاتهام بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ايا كان مضمون القرار والاتهامات التي يسوقها باتجاه اي كان.
وتنطلق هذه التعليمات من استراتيجية اعتبار حزب الله ان المحكمة الدولية التي يعتبرها مسيسة واميركية واسرائيلية، باتت وراءه، وبالتالي فإنها لن تعنيه من قريب أو بعيد.
وقد رأى تلفزيون «المنار» الناطق بلسان حزب الله في مقدمة نشرته المسائية أمس ان قرار الاتهام يثبت ان «المحكمة مسيّسة ومتخمة بأجهزة الاستخبارات».
واعتبرت قناة «المنار» ان «لا مفاجآت في الأسماء ولا شيء يختلف عن مسلسل التسريبات المستمر منذ سنوات»، متسائلة عن مغزى «توقيت صدور القرار».
وتابعت «نطق أرباب المحكمة بقرارهم المعروف سلفا» والمحكمة «ضبطت بالجرم المشهود وهي تضبط على ساعة استحقاقات لبنانية واقليمية»، مشيرة الى «التطورات العربية واقرار الحكومة اللبنانية الجديدة بيانها الوزاري».
المجلس الإسلامي الشيعي
بدوره الشيخ عبدالأمير قبلان نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وجه «نصيحة» الى اللبنانيين باستقبال القرارات الدولية والاقليمية والوطنية برحابة صدر «ولا تخرجوا من ثيابكم وكونوا حكماء في تصرفاتكم وعقلاء في تحركاتكم، وعدم التأثر بالمحكمة الدولية التي أخذت حكمها منذ مدة لكنها كانت تناور وتخادع لإضرام نار الفتنة».
وفور التأكد من تسلم القضاء اللبناني نسخة عن القرار تتالت ردود الفعل السياسية والقانونية.
جعجع: التملص خيانة للشهداء
فرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع قال في مؤتمر صحافي: نتذكر العشرات من الشهداء الذين سقطوا في مسار قيام المحكمة الدولية، والمطلوب متابعة أعمال المحكمة الدولية وأي تملص يعد خيانة بحق الشهداء.
وتابع: على الحكومة ان تبرهن انها ليست مظلومة من خلال التفاعل مع المحكمة كما يقتضيه البروتوكول الموقع بين لبنان والمحكمة الدولية، وأن القرار الاتهامي يمهد لمحاكمة عادلة أمام الرأي العام اللبناني والعربي والدولي وأمام وسائل الإعلام من كل دول العالم.
صيغة البيان الوزاري مرفوضة
وأضاف: في حال كان اعتماد صيغة البيان الوزاري التي نشرت في وسائل الإعلام تكون الحكومة تضرب بعرض الحائط المحكمة وتتبرأ منها، وهي صيغة مرفوضة وتكون الحكومة قد تخلت عن المحكمة ولو بلباقة.
وأكد ان المتهم هو متهم بشخصه ونحن لا نربط الشخص المتهم بالحزب الذي ينتمي إليه أو بالطائفة أو البلد، لكن لا يجوز ان يبقى المجرم دون عقاب.
وتابع جعجع: وأطلب من كل قواعد «14 آذار» ان يتصرفوا بكل حكمة وبعيدا عن اي تشنج وان يتابعوا مسار المحكمة بكل هدوء وسلام لأنه لا أحد يفكر في الانتقام او بخلفية أحقاد.
يوم لبناني كبير
النائب زياد القادري (المستقبل) اعتبر في صدور قرار الاتهام انتصارا للبنان وللبنانيين، بينما وصفه النائب عاطف مجولاني (المستقبل) بالانجاز العظيم واهداه الى «دماء شهدائنا الأبرار».
وقال منسق 14 آذار د.فارس سعيد انه يوم كبير للبنان ونأمل ان يفتح تحقيق العدالة صفحة جديدة نحو مستقبل مستقر في لبنان.
اما النائب رياض رحال (المستقبل) فقد دعا الرئيس ميقاتي الى الاستقالة اذا ما عجز عن تقديم المجرمين الى العدالة.
آراء قانونية بالبيان والقرار
النقيب السابق للمحامين في شمال لبنان رشيد درباس قال ان الكلام عن احترام القرارات الدولية حمّال اوجه، والمطلوب التزام الحكومة بتنفيذ القرارات.
وقال هذه الصيغة اختُلفت استباقا لصدور القرار الاتهامي واعتبر ذلك من نوع التنصل او بالأحرى المناورة.
مهلة زمنية
وردا على سؤال قال هناك مهلة محددة لتنفيذ المذكرات، وستكون الحكومة تحت المجهر، المجهر المحلي والمجهر الدولي، وما اذا كانت لديها الرغبة في تنفيذ القرارات او هل لديها الإرادة والقدرة، هل هي متعاونة او متوانية؟ هذه امور ستكون على بساط البحث.
وقال درباس لقد فوجئت بأن مشروع البيان الوزاري يعيد انتاج الثلاثية المقدسة، اي الشعب والجيش والمقاومة كما كانت في البيان الوزاري السابق، بينما يحور في صيغة المحكمة التي جرى الاتفاق عليها، وهذا يدعو الى التفكير مليا بالأمر.
النقيب اليان وولاية المحكمة
نقيب المحامين السابق في بيروت ميشال اليان اوضح ان ولاية المحكمة تشمل الجرائم الحاصلة من اول اكتوبر 2004 لغاية 12 ديسمبر 2005، اي من محاولة اغتيال النائب مروان حمادة حتى اغتيال الصحافي النائب جبران تويني وما بينها من اغتيالات ومحاولات الاغتيال، اما الاغتيالات التي حصلت بعد 12 ديسمبر 2005 فتطلب طلبا من المدعي العام يرفع الى الامين العام للأمم المتحدة فمجلس الأمن لتوسيع ولاية المحكمة كي تشمل هذه الجرائم.
وقال المحامي اليان مذكرات ابقاء القبض التي سلمتها المحكمة الدولية الى لبنان يتطلب تنفيذها موقفا واضحا من الحكومة وعبر الاجهزة الامنية الرسمية.
وردا على سؤال حول ما اذا كان تنفيذ هذه المذكرات يتطلب حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب اولا فأجاب، هذا الأمر ليس شأن الحكومة مباشرة، المذكرات سلمت الى النائب العام التمييزي، الذي يستعين بالأجهزة الامنية التابعة له، من اجل تنفيذها وفقا للاتفاقات المعقودة مع المحكمة الدولية.
صدور المذكرات يؤكد الاتهام
وقال المحامي اليان ان صدور المذكرات من جانب القاضي فرنسين يعني انه باتت لديه الأدلة الكافية للاتهام، علما ان المتهم يبقى بريئا حتى تثبت ادانته والادانة تثبت امام محكمة البداية وبعدها امام محكمة الاستئناف ومن يحاكم غيابيا له الحق بطلب اعادة محاكمته.
وحول طبيعة الاتهامات، قال اليان: في النظام الأساسي للمحكمة الدولية محاكمة الافراد، وليس الاحزاب او المنظمات ولا دول ولا تجمعات، حتى ان مجادلات كثيرة حصلت حول مسؤولية الرئيس عن اعمال مرؤوسيه لكن نظام المحاكمة وقانون عملها لم تحسم ذلك.
50 سنة من الاغتيالات
وأمل اليان ان تضع المحكمة الدولية حدا للإفلات من العقاب في لبنان، حيث الاغتيالات تتلاحق منذ 50 سنة، دون ان تتمكن عدالتنا من الوصول الى الجناة.
وحول البند المتعلق بالمحكمة الدولية في البيان الوزاري اعتبره المحامي ليان رماديا وغير واضح ولهذا طالبت بأن يتناول البيان الوزاري امور المحكمة الدولية بوضوح اكبر، لأن الموقف لا يحتمل المزيد من التمييع والاجتهادات.
وقال ان على الحكومــة ان تنفذ المذكرات، والا فعليها مواجهـــة الشرعيــة الدوليــة.