- نائب رئيس مجلس النواب يتحدث عن معادلة ثلاثية جديدة أسوأ من السابقة
بيروت ـ عمر حبنجر
قابل فريق 14 آذار اللبناني خطاب السيد حسن نصرالله، المتضمن إنهاء التزام حزب الله بقواعد الاشتباك المعتمدة مع إسرائيل، بتحفظ حذر، مشوب بالقلق من ردات الفعل الإسرائيلية المحتملة، في ضوء الاهتمام البالغ الذي خص به هذا الخطاب، من حيث نقله مباشرة ومترجما إلى العبرية عبر القنوات والإذاعات الإسرائيلية، في خطوة غير مسبوقة.
الاختبار الأول لانعكاسات هذا الخطاب، منتظر الثلاثاء، حيث الموعد المفترض لاستئناف الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التنية وبرعاية رئيس المجلس نبيه بري.
الرئيس بري استبق هذا اللقاء بالإعلان ان المقاومة (حزب الله) لم تخرق القرار 1701 في عملية مزارع شبعا المحتلة، وانها نفذت ضربتها في أرض محتلة، وهذا من حقها، ورأى في خلاصة هذه العملية ان الاسرائيليين دقوا الباب وتلقوا الجواب.
وأضاف: ليست المرة الأولى التي يخرق فيها الإسرائيليون قواعد الاشتباك وليدلنا المعارضون للعملية أين حصل الخرق، واصفا العملية بالنظيفة والمدروسة.
وعبر بري عن ارتياحه للمسار الذي سلكته الأمور عقب العملية والاتصالات المتشعبة والجهود المشكورة التي بذلت لعدم تفاقم الأحداث، وحصر عملية مزارع شبعا بالحدود التي وصلت إليها، عازيا سكون رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن الرد إلى أسباب انتخابية داخلية.
لكن بالمقابل، رفض رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة قيام أي فريق من اللبنانيين باتخاذ القرارات وتوريط لبنان بأسره، بمعزل عن مؤسساته الدستورية وحكومته والمجلس النيابي. وقال: إن ما يحصل هو من خارج الإجماع اللبناني، وهو يؤدي الى توريط لبنان في أمور ليس له فيها وليس من مصلحته أيضا.
بدوره، النائب عمار حوري، عضو كتلة المستقبل، أكد الوقوف الى جانب القرار 1701، معلنا ان إلغاء قواعد الاشتباك، شأن الدولة اللبنانية دون سواها.
وعن الحوار مع حزب الله، قال ان التفلت الأمني الذي تمثل بإطلاق الرصاص والقذائف في سماء بيروت ابتهاجا بخطاب نصرالله، لم يعد مقبولا.
رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي التقى نصرالله بعد خطابه، وكان التقى قبله رئيس المجلس النيابي الحكومة ووزير الخارجية، حيث أكد وقوف بلاده الى جانب استقرار لبنان، وقال: «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي عناية مميزة في مجال حفظ الأمن والهدوء والاستقرار في ربوع لبنان العزيز، ونحن نعتقد ان التطورات الخارجية على مستوى المنطقة تساعد الى حد ما على إراحة الأجواء وعلى تعزيز الاستقرار في لبنان.
لكن أوساط 14 آذار توقفت أمام إعلان قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي الجعفري بأن رد حزب الله على إسرائيل يعتبر ردا إيرانيا، ونحن وحزب الله واحد.
وقد لاحظت قناة «المستقبل» ان هذا القول «لم يصل الى مسامع السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله الذي أكد امس ان الرد على اي عدوان هو قرار لبناني لا علاقة له بالملف النووي الإيراني».
الجعفري كان يتحدث في مراسم تشييع قتلى الغارة الإسرائيلية على القنيطرة السورية في إيران، في الوقت الذي كان فيه نصرالله يتحدث في الضاحية الجنوبية، معلنا إنهاء قواعد الاشتباك مع اسرائيل وفتح الساحات.
لكن القناة البرتقالية التابعة للتيار الوطني الحر، رحبت بخطاب نصرالله، وقالت في نشرتها المسائية ان نصرالله قال ما لم يجرؤ على قوله الإسرائيليون، حول فك قواعد الاشتباك، التي لم تعد مقيدة للبنان بعد اليوم، والباقي يصبح مشكلة اسرائيل، ومشكلة من جعل منها مشكلة دائمة في المنطقة.
نصرالله كان واضحا ايضا عندما تحدث عن امتزاج الدم اللبناني بالدم الإيراني على الأرض السورية، ما يعني إستراتيجيا، وفق مصادر 14 آذار ان الجبهة الممتدة من جنوب لبنان الى الجولان، أضحت واحدة بصورة معلنة.
ودمعت عينا نصرالله كأب امام الجمهور لاول مرة مؤكدا تأثره حيال شهداء الحزب.
وجاء اعلانه عن تمازج الدم في حضور ايراني لافت بالضاحية الجنوبية، مصحوبا بإطلاق رصاص كثيف في الضاحية وفي بعض احياء بيروت ابتهاجا بالخطاب، ما دفع وزير العدل اشرف ريفي الى الطلب من النائب العام فتح تحقيق وملاحقة مطلقي النار على هيبة الدولة ومعرضي امن المواطنين وسلامتهم للخطر، واصفا ما حصل بممارسات الاستكبار والتحدي ونشر فوضى السلاح على نحو مخجل.
مصادر قريبة من 14 آذار لاحظت ان نصرالله وسع قواعد الاشتباك ولم يلغها، او انه اضاف اليها قواعد جديدة، مغايرة للقواعد السابقة، عندما قرر اعتبار اي اغتيال يتعرض له واحد من كادرات الحزب في اي مكان في العالم مسؤولية اسرائيلية، وبالتالي سيكون هناك قتيل اسرائيلي مقابل كل قتيل للحزب!
يذكر ان قواعد الاشتباك الراهنة وضعت في العام 2000 في عهد الرئيس اميل لحود والنظام الامني اللبناني ـ السوري، ولم يكن حزب الله مشاركا في المفاوضات التي اوصلت الى هذه القواعد.
وقالت المصادر لـ «الأنباء» انها «مقاومة بلا حدود» اعلنها السيد نصرالله من ضاحية بيروت الجنوبية مقاومة غير مردوعة او خائفة، كما وصفها، وهذا ما قد يستدرج ردود فعل اسرائيلية كلامية على الاقل، تصحيحا لموازين حملة بنيامين نتنياهو الانتخابية الذي شاء بعملية القنيطرة ان يكحلها واذا برد حزب الله يعميها.
المفكر الاسلامي د.رضوان السيد رأى انه منذ العام 2006 امتدت جبهة الجنوب الى الجولان وتحولت الى مساحة لتبادل الرسائل بين ايران واميركا واسرائيليين، الايرانيون يريدون من الاميركيين الكثير من الامور، والاميركيون يمانعون، ثم يستجيبون للضغوط الايرانية، وقد اكتشفت ايران ان اسهل الامور للحصول على ما تريد من اميركا الضغط على اسرائيل من خلال حزب الله رغم الكلفة البشرية والمادية حتى الوطنية في لبنان.
واضافت: بعد الازمة السورية والتهاء حزب الله بالمعركة هناك في كل مكان، كما قال نصرالله، في سورية واليمن، اراد كل طرف ان يرسل رسالة بأن الاتفاق غير الملائم مع ايران لن يمر، وقد وجه حزب الله رسالته عبر تهديد العراق وسورية واليمن واسرائيل ان لم يصغ الاميركيون الى المطالب الايرانية.
د.السيد اعرب عن القلق من بقاء الملفات اللبنانية والعربية بين يدي الايرانيين والاسرائيليين.
نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري رأى ان تفكيك الساحات يعني ربط لبنان بكل ازمات المنطقة ومشاكلها.
واعتبر الحديث عن وحدة المصير بعد امتزاج الدم اللبناني بالدم الايراني على الاراضي السورية معادلة ثلاثية جديدة اسوأ بكثير من معادلة الشعب والجيش والمقاومة المنتهية الصلاحية.
من جهته، اكد الاعلام الاسرائيلي الذي تابع كلمة نصرالله على مسألتي الردع وانتهاء قواعد الاشتباك وفتح الجبهات كلها في وجه اسرائيل.
واعتبرت القناة الاسرائيلية الاولى ان نصرالله يحاول ان يفرض قواعد اشتباك جديدة بوجه اسرائيل، معتبرة ان الاحداث الاخيرة في الشمال (الاسرائيلي) انتهت لكن حزب الله هو الذي قال الكلمة الاخيرة.
مصدر عسكري لبناني ابلغ صحيفة «الجمهورية» بان الاتصالات السريعة التي قامت بها اليونيفيل بين لبنان واسرائيل ساهمت في اعادة الهدوء الى منطقة جنوب الليطاني، لافتا الى ان الجيش ماض في تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع الدوليين، مؤكدا أنه لا مظاهر مسلحة في هذه المنطقة.
وفي هذا المجال، قدمت الخارجية اللبنانية شكوى ضد اسرائيل لقصفها الاراضي اللبنانية.