في بيروت المعركة الانتخابية غير المتكافئة جارية بين «لائحة البيارتة» (اللائحة الرسمية) ولائحة «بيروت مدينتي» (لائحة المجتمع المدني). أما المعركة السياسية فإنها تختصر بأمرين: بقاء التيار الوطني الحر في «لائحة البيارتة» أو انسحابه منها تبعا للاتفاق حول لائحة المخاتير في بيروت الأولى أو عدمه.
والأمر الثاني يتعلق بفوز «لائحة البيارتة» كاملة أو مجتزأة، ما يؤدي الى ضرب مبدأ المناصفة عمليا بعد التوافق عليه سياسيا.. وهذا ما سيؤدي الى مطالبة مسيحية بضمانات قانونية بشأن المناصفة في بلدية بيروت إذا تبين أن العرف لم يعد كافيا ولم يعد وحده يشكل ضمانة.
في زحلة، المعركة محتدمة: «النجمة الصاعدة» ميريام سكاف أعطت للمعركة بعدا زحليا وصورتها معركة عائلات ضد أحزاب ومعركة استعادة قرار زحلة من يد الأحزاب.. والأحزاب الثلاثة متحدة تصورها معركة سياسية، معركة مصادرة القرار السياسي لزحلة من قبل قوى وأحزاب أخرى (المستقبل وأمل وحزب الله) تستخدم سكاف المحسوبة سياسيا على فرنجية أداة ورأس حربة في عملية تطويع الأحزاب المسيحية.. المعركة في زحلة مع تشكل 3 لوائح: (الكتلة الشعبية (سكاف) والأحزاب ولائحة فتوش) تصبح ضبابية ومفتوحة على مفاجآت وخروقات.
وأما في جونيه، فإن المعركة البلدية مؤشر لما ستكون عليه «المعركة النيابية»، والاصطفاف حاصل بين لائحة مدعومة من المهندس نعمة افرام متحالفا مع فريد الخازن ومنصور البون، ولائحة مدعومة من التيار الوطني الحر متحالفا مع الشيخ جوان حبيش.. ولم يعرف بعد موقف القوات والكتائب وإن بدا أقرب الى الأولى.
جزين
تتجه جزين الى معركة انتخابية حامية في 22 الجاري، بين لائحتين أو أكثر، في حال فشل محاولات التوافق، ومن الأكيد أن هذه المعركة سترخي بظلالها على المعركة النيابية التي لن تكون بمنأى من هذه التداعيات.
يتصرف التيار الوطني الحر من منطلق أنه أم الصبي في بلدية يعتبر انه يملك مفتاح دخول القوى السياسية إليها، وبأن المسألة تكمن في الأخذ بمعيار الأحجام. لذلك تبدأ مشاكله من حل أزمة الحصة المفترض تجييرها لحليفه المستجد القوات اللبنانية ولا تنتهي عند عتبة استيعاب ابراهيم عازار (نجل النائب السابق سمير عازار المدعوم من الرئيس بري). ويتجلى السقف الثابت لمطالب التيار برئاسة البلدية ورئاسة اتحاد البلديات، والنصف زائد واحدا في البلدية، فيما يتوزع الباقي على العائلات والأحزاب، مع الاستعداد لإعطاء القوات 3 مقاعد.
ولكن القوات ترفض إعادة ترشيح رئيس البلدية خليل حرفوش، مع العلم أن ترشيح حرفوش أحدث شرخا داخل التيار نفسه، بحيث أدى الى انشقاق آل الحلو وتحديدا رجل الأعمال غازي الحلو الذي كان يحظى بمكانة مهمة في الرابية، وسعيه الى تشكيل لائحة منافسة في جزين، بعدما توافق مع شخصيات سياسية تعارض حرفوش، ومنها النائب السابق إدمون رزق ود.كميل سرحال.
سقوط التوافق يترجم بولادة لائحة ثانية مدعومة من عازار مقابل تلك المدعومة من القوات والتيار المحكومين بالتوافق بالرغم من عدم حسم مسألة الحصص بعد.
الانتخابات البلدية تجري على إيقاع انتخابات نيابية فرعية، وحيث الاصطفاف السياسي خلف مرشح التيار أمل أبوزيد يشمل القوات التي لم تعلن موقفا نهائيا بعد، وحزب الله الملتزم بمرشح تكتل الإصلاح والتغيير، والوزير السابق إدمون رزق والسفير سيمون كرم وآل الحلو، علما أن العونيين قادرون على حسم المعركة استنادا الى كل النتائج الانتخابية منذ عام 2005، فالنتيجة محسومة لمصلحة التيار لكن المعركة بالنسبة إليه أو الى خصومه تتعلق بنسبة الأصوات.
أما التطور الأبرز الذي سجل فكان تقديم ابراهيم عازار أمس ترشحه رسميا عن المقعد النيابي الشاغر في جزين، ما أدى الى رفع درجة الحماوة في المعركة الانتخابية بعد ترشح أمل أبوزيد وصلاح جبران وأنطوان كرم وباتريك رزق الله، وما أدى أيضا الى إحياء الصراع بين الرئيس نبيه بري عراب آل عازار والعماد ميشال عون، بعدما ساد توقع بأن آل عازار سيركزون على جبهة الانتخابات البلدية في مسقط رأسهم ولن يفتحوا معركة ثانية على الجبهة النيابية، وأن بري لا يريد أن يضاعف الأسباب الخلافية مع عون.
طرابلس
بعد عودة الرئيس نجيب ميقاتي من السفر، تستأنف اليوم المشاورات السياسية في طرابلس حول اختيار مرشح توافقي لرئاسة البلدية، والمنافسة باتت تنحصر بين عمر الحلاب ود.عزام عويضة، وكلاهما سماهما واقترحهما. ويقود الرئيس ميقاتي دفة التوافق في وقت يبدو تيار المستقبل منكفئا وغير قادر على خوض معركة بلدية في وجه ميقاتي في ظل الأزمة التي يعيشها ماليا وشعبيا، وتربكه في الوقت نفسه تحركات ريفي الميدانية.
وكان الوزير المستقيل اللواء أشرف ريفي أطلق نواة الماكينة الانتخابية لمعركة الانتخابات البلدية في طرابلس والميناء، معلنا دعمه المجتمع المدني في اختيار لائحة بوجه لائحة التوافق السياسي. وقد فوجئ تيار المستقبل (الذي يتابع باهتمام بالغ تحركات ريفي واعتبرت قيادته بداية أن ريفي انتحر سياسيا بخروجه من تحت عباءة التيار) بخطوة ريفي التي قد تضعف موقعه كثيرا في التفاوض مع الرئيس نجيب ميقاتي للتوافق في الانتخابات البلدية، كما أنها تضعف دوره وثقله الانتخابي الذي يعاني أصلا من وهن أصاب زخمه. وينتظر أن يتضح مسار الأمور خلال الأيام القليلة المقبلة، فإذا تعذر التوافق في طرابلس بين الحريري وميقاتي (إضافة الى محمد الصفدي وفيصل وأحمد كرامي وروبير فاضل)، فإن الأمور ستتجه الى معركة حتمية بين لائحتين تدعمها القوى السياسية، إضافة الى لائحة المجتمع المدني برئاسة م.أحمد زوق.
كما تردد أن الجماعة الإسلامية تتجه الى تشكيل نواة لائحة من الهيئات الإسلامية في المدينة، إضافة الى بعض القوى الأخرى. (النائب سمير الجسر زار الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان عزام الأيوبي في مركز «الجماعة» في الميناء يرافقه منسق تيار المستقبل في طرابلس ناصر عدرة، وجرى بحث في الانتخابات البلدية).
بريتال
يخوض حزب الله معركته في الانتخابات البلدية وحيدا بمواجهة الأمين العام السابق صبحي الطفيلي في معقل الأخير في بلدة بريتال، إثر انسحاب مرشحي حليفه حركة أمل، على ضوء خلافات مرتبطة بالأسماء المطروحة في اللائحة، وهو ما يعد أول تشقق في التحالف بين الحزب والحركة في السباق الانتخابي، الامر الذي وضع إمكانية فوز الحزب في مواجهة الطفيلي محط شكوك.
وتقول مصادر إن أمل كانت قد سمت 3 مرشحين (من أصل 18)، على لائحة التحالف مع حزب الله، لكنها عادت وطالبت بـ 8 مرشحين، مشترطة أن يكون منهم نائب الرئيس. وأن الحركة رفعت سقف مطالبها بهدف الانسحاب من اللائحة.
فابن البلدة، القيادي في حركة أمل بسام طليس يمون على البلدية الحالية، المحسوب رئيسها (عباس اسماعيل) على الشيخ صبحي الطفيلي. أما حصوله على 3 مقاعد في بلدية يقودها حزب الله (في حال فازت لائحة الحزب)، فسيخفف من قدرته على التأثير في المجلس البلدي. ودفعه ذلك إلى الانسحاب من التحالف مع الحزب، وإعلان الوقوف على الحياد. وتؤكد المصادر أن مناصري الحركة في بريتال سيدعمون اللائحة المحسوبة على الطفيلي.
انسحاب أمل لم يمنع حزب الله من إكمال معركته التي بدأها في بريتال، حيث أضاف أسماء 3 مرشحين آخرين بدل مرشحي أمل المنسحبين، وأعلن اللائحة مكتملة بـ 18 مرشحا، في احتفال تحدث فيه وزير الصناعة حسين الحاج حسن. ومن المقرر أن تكون رئاسة البلدية، في حال فوز اللائحة، مداورة بين 3 أشخاص من عائلات بريتال الثلاث الكبرى: طليس وإسماعيل ومظلوم.
ويخوض الحزب المعركة في بريتال للمرة الأولى منذ 18 عاما بعد انكفائه عن خوضها، نظرا لأن البلدة في الانتخابات المحلية تقرر فيها العائلات مرشحيها، فيما يعتبر الطفيلي، وهو أحد مؤسسي الحزب وأول أمنائه العامين، مؤثرا في البلدة.
ولطالما تجنب الحزب الطفيلي وأحجم عن مواجهته منذ قرار فصله من الحزب في العام 1998 على خلفية تزعمه «ثورة الجياع» وإعلان العصيان المدني ضد الحكومة اللبنانية التي كان يترأسها رفيق الحريري، وخوض مواجهات مع الحزب. ويولي الطرفان أهمية بالغة للبلدة، وهو ما دفع الحزب لوضع ثقله السياسي فيها بدليل اجتماع نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم مع أعضاء اللائحة المدعومة من الحزب وفعاليات البلدة. والبلدة هي ثقل انتخابي في قضاء بعلبك نظرا لأنها كبيرة ويقطنها أكثر من 15 ألف شخص بينهم نحو 10 آلاف ناخب.
بعلبك
المعركة في بعلبك باتت واقعة لا محالة بين تحالف أحزاب «لائحة التنمية والوفاء لمدينة بعلبك» التي تضم حزب الله وأمل والبعث والقومي و«الأحباش» والمطعمة بكل المذاهب، ولائحة المرشح غالب ياغي (رئيس بلدية بعلبك بين عامي 1998 و2004) تحت اسم «بعلبك مدينتي» والتي تحظى بدعم تيار المستقبل.
وأبرز ما يمكن رصده في انتخابات بعلبك، تأرجح المعركة بين منطق النفوذ السياسي والعصبية العائلية من جهة، وضمور هيمنة الأحزاب لمصلحة انبعاث العائلات وتشكيلات القرابة على وجه جعل الأحزاب تأخذ في كل منطقة شكل التكوين العائلي، مع تململ العائلات الشيعية.
ويقدر عدد الناخبين الشيعة في بعلبك بـ 19695 ناخبا، من 31578 ناخبا (بينهم 10237 ناخبا سنيا و1646 مسيحيا) وهذا شكل عقبة أوقعت حزب الله وحركة «أمل» أمام الكثير من المتاهات والتجاذبات والمناكفات، خصوصا ان بعض العائلات عبر عن امتعاضه من أسماء المرشحين أو من تقسيم حصص مرشحي العائلات.