بيروت - جويل رياشي
بعد غياب دام طوال عقد من الزمن عن مشهدية المعارض المحلية، افتتح المعرض التحية الى أمين الباشا الذي يقدمه متحف سرسق في اطار سلسلة من المعارض التكريمية لكبار الفنانين بعنوان «تقسيمات وألوان».
لوحات زيتية، اخرى بالألوان المائية، معروضات مصنوعة من الخشب المطلي بالألوان زينت جدران الطبقة الاولى من المتحف البيروتي العريق الذي توافد اليه في يوم الافتتاح في 14 الجاري محبو الباشا ومتذوقو فنه.
أربع ثيمات رئيسية يتمحور حولها المعرض: اللوحات التجريدية والمناظر الطبيعية، الفنتاستيك، العشاء الأخير والدين، والموسيقى، علما ان الباشا معروف بإنتاجه الغزير المتعدد الخامة والموضوع، ولكن المعرض شاء ان ينتقي من كل هذه الغزارة تلك المواضيع التي ترصد تحولات مساره الفني التصاعدي: من مناخات التجريد وعتبات التعبير المتحررة الى جمالية اسلبة الألحان اللونية المرتجلة التي تؤسس لعالم جديد من التناغم في صياغة الأشكال (مناظر، طبيعة صامتة، مسرحة الرحلات والذكريات).
قد يكون المعرض صغيرا نسبة لغزارة اعماله ولكنه يوجز الى حد ما سيرته الفنية وموهبته. وقد وقف المشاركون في حفل الافتتاح طويلا امام روائعه «العشاء السري» و«العشاء الحميمي» و«الاوركسترا» و«الحصان الخشبي».. اعمال تمثل تجربة فنية عميقة لها علاقة بأسفاره وتجواله في المدن والامكنة وجلسات المقاهي. رسومه اشبه بتمارين يومية كشفت عن اشياء مدهشة في تناولها المألوف الذي جسده الباشا بأبهى اشكاله ومناخاته الشرقية.
وبدت لافتة في المعرض خشبيات الباشا الملونة علما انه اشتهر بمائياته. ويبدو ان قصة الخشبيات تعود الى مطلع الستينيات خلال الفترة الاولى من اقامته في باريس، حيث كان يسكن في غرفة صغيرة، دفعه ضيق المساحة الى تمضية وقته بصنع المنحوتات الخشبية بدلا من رسم اللوحات. وبسبب ضيق الحال ايضا، كان يشتري الجبنة التي كانت توضع في ذلك الوقت في علب خشبية. يأكل الجبنة ويستعمل صندوقها الخشبي في صنع الاشكال وتلوينها. ومع الوقت، تطورت التجارب، وأصبح يلون على البارافانات والصناديق والشبابيك، ووصل به الامر الى صنع تماثيل أشبه بالماريونيت المستقاة من قصص التراث الشعبي وعوالم ألف ليلة وليلة..
يستمر المعرض حتى منتصف مارس المقبل في المتحف البيروتي، في المدينة التي ألهمته وكانت مرآة فنه ومسقط أعماله.