اذا كانت سنة 2009 سنة سورية في لبنان أو سنة «العودة السورية»، فإن سعد الحريري هو رجل العام من دون منازع بين سائر القيادات اللبنانية: هو حقق فوزا واضحا في الانتخابات النيابية ليرأس أكبر كتلة نيابية في تاريخ لبنان (نحو 40 نائبا)، وليثبت زعامة سنية غير مسبوقة. وصل الى رئاسة الحكومة بتنازلات معقولة ليصبح أصغر رئيس حكومة في تاريخ لبنان وليستعيد الموقع الذي شغله والده الشهيد رفيق الحريري لسنوات، وليثأر سياسيا لاغتياله.
ولما كانت ضرورات المرحلة تستدعي زيارته الى دمشق، اتخذ القرار الصعب والجريء وزارها تحت غطاء التفاهم السوري ـ السعودي، والتقى الرئيس بشار الاسد مطولا وتفاهما على أشياء كثيرة وبقي تفاهمهما طي الكتمان لتبدأ بعد الزيارة مرحلة سياسية جديدة في لبنان سيكون فيها خلط للأوراق والتحالفات واعادة تشكيل الخارطة السياسية التي تشكلت في السنوات الأربع الماضية على ايقاع صراع سياسي كاد يخرج عن السيطرة، وعلى أساس فرز حاد بين فريقين ومعسكري 8 و14 آذار) لم يكن في الواقع الا فرزا بين من هو مع سورية ومن هو ضدها. والتي سيعاد تشكيلها وفق توزيع وترتيب جديد للقوى السياسية يراعي اعتبارين: من هو الأقوى شعبيا وسياسيا، ومن هو الأقرب الى دمشق والأكثر أهمية بالنسبة لها.