أكد قائد عسكري في المعارضة السورية، أن جميع وحدات وفصائل الجيش الوطني رفعت جاهزيتها القتالية لإنشاء منطقة آمنة في مناطق شمال سورية.
وقال العميد فاتح حسون، القيادي في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عملية عسكرية مرتقبة في مناطق شمال سورية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني والقوى الانفصالية هناك، بدأت جميع قوات الجيش الوطني في رفع الجاهزية وانتظار ساعة الصفر».
وأضاف العميد حسون أن هذا لا يعني أن العملية العسكرية سوف تنطلق خلال الساعات القليلة المقبلة أو خلال أيام، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بجاهزية القوات وتأمين كل ما تحتاج عملية عسكرية ضد مقاتلي قوات سورية الديموقراطية «قسد» وتعتبرها أنقرة الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني «بي كا كا» في مناطق شمال سورية، وكذلك إعادة اللاجئين إلى أراضيهم التي هجروا منها، وفقا لحسون.
وأكدت مصادر في المعارضة السورية لـ «د.ب.أ» أن إعلان الرئيس التركي عن عملية عسكرية يأتي في إطار الضغط على الدول الغربية بشأن ملف انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفرض منطقة آمنة شمالي سورية لإعادة أكثر من مليون لاجئ موجودين حاليا في تركيا، وبناء مناطق سكنية بدعم تركي وعربي».
ورجحت المصادر انطلاق العملية العسكرية في ريف حلب الشرقي (مدينتا منبج وعين العرب/ كوباني) ومناطق ريف الحسكة الشمالي الغربي.
وجدد الرئيس التركي في الأيام الماضية، تلويحه بشن عملية عسكرية خامسة على طول الحدود الشمالية في سورية.
وقال أردوغان في تصريحات صحفية إن بلاده: «ستبدأ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأتها، لإنشاء مناطق آمنة في عمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية على طول الحدود الجنوبية»، مضيفا أن القرار النهائي سيتم اتخاذه في اجتماع مجلس الأمن القومي التركي غدا الخميس.
وفي وقت توقع فيه مراقبون أتراك أن تتجه تركيا لهكذا عملية في المرحلة المقبلة، اعتبرت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) أن التصريحات التركية عن عمل عسكري تهدف إلى «تسخين الأجواء».
وجاء في بيان لها أمس، أن «قسد» تدرس مستوى التهديدات التركية الفعلية والمتوقعة لمناطق شمال وشرق سورية، وأنها تتبادل المعلومات مع «القوى الدولية الضامنة».
و«المنطقة الآمنة» هو مشروع «قديم - جديد»، وكان أردوغان قد تحدث عنه لأول مرة في عام 2013، ولم يلق تأييدا من قبل الدول الفاعلة بالملف السوري، وخاصة أميركا والأوروبيين، منذ ذلك التوقيت.
ولإقامة تلك المنطقة هدفان الأول إعادة نحو مليون لاجئ وسط حملة انتخابية مبكرة يشكل اللاجئون السوريون عصبها الأساس، والثاني إبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية وهي العمود الفقري لقسد عن حدودها، ومنعها من تحقيق هدفها بربط مناطق سيطرتها شمال شرق سورية بالبحر المتوسط عبر ما يسمى الكوريدور الكدري.
ولطالما ظهر الرئيس التركي خلال السنوات الماضية، وهو يحمل خريطة تظهر حدود هذه المنطقة، وكان أشهرها في أثناء الخطاب الذي ألقاه في الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية، أغسطس عام 2019.
وقال، حينها إنه: «ومع مد عمق المنطقة الآمنة إلى خط دير الزور- الرقة، بوسعنا رفع عدد السوريين الذي سيعودون من بلادنا وأوروبا وبقية أرجاء العالم إلى 3 ملايين»، مضيفا: «بالتعاون مع أميركا وقوات التحالف وروسيا وإيران، يمكننا نقل اللاجئين من المخيمات إلى المنطقة الآمنة».
وكانت تركيا شرعت بمفردها باقامة تلك المنطقة وشنت أولى العمليات العسكرية في عام 2016، حيث حملت اسم «درع الفرات»، وسيطر من خلالها الجيش التركي على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والشرقي، بعد معارك خاضها مع فصائل «الجيش السوري الحر» ضد تنظيم «داعش».
ومع مطلع عام 2018 نفذ الجيش التركي وتحالف «الجيش الوطني السوري» الذي يدعمه عملية عسكرية ثانية حملت اسم «غصن الزيتون»، وسيطروا من خلالها على منطقة عفرين التي كانت خاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب».
وبعدها في عام 2019 أطلقا عملية عسكرية حملت اسم «نبع السلام»، وسيطروا من خلالها على شريط حدودي يمتد من مدينة رأس العين في ريف محافظة الحسكة، وصولا إلى تل أبيض في ريف محافظة الرقة.
ومن الشمال والشمال الشرقي إلى محافظة إدلب أطلق الجيش التركي، عقب ذلك، في عام 2020 عملية عسكرية كانت الأولى من نوعها ضد القوات السورية، وحملت اسم «درع الربيع». وجاء ذلك بعد ضربة جوية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 عنصرا تركيا في منطقة جبل الزاوية.
وجاءت تهديدات أردوغان بالتزامن مع قضية الطلب الذي قدمته فنلندا والسويد من أجل الانضمام للناتو.
وهو الأمر الذي تصر أنقرة على رفضه، وتشترط «ضمانات» تتعلق بالمنظمات التي تعتبرها إرهابية على طول حدودها.
كما تأتي التهديدات في انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.