رويترز ـ بيرند ديبوسمان
واشنطن ـ رويترز: عقدا بعد عقد يجري الديبلوماسيون في الأمم المتحدة محادثات بين الحين والآخر بشأن كيفية إصلاح مجلس الأمن أعلى هيئة لصنع القرار على صعيد الأمن الدولي.. وتظهر الأزمة في سورية ان التقدم في هذا الصدد ضئيل وان سياسة القوة كثيرا ما تتفوق على حقوق الإنسان.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو تركيبة هيئة «مجمدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية» حسب وصف ستيوارت باتريك الباحث بمجلس العلاقات الخارجية وهو مركز ابحاث معني بالسياسة الخارجية مقره نيويورك.
والعقبة الكؤود في فك تجميدها هو حق النقض «الفيتو» الذي تتمتع به 5 أعضاء دائمين بالمجلس المكون من 15 دولة وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.
واستخدام فيتو من جانب دولة واحدة فقط منها يكفي لإحباط مشروع قرار. ففي الرابع من فبراير تكاتفت روسيا والصين للتصويت ضد مشروع قرار يشترط على الرئيس السوري بشار الأسد ان يتنحى وان يوقف حملة عنيفة على المعارضين وان يبدأ تحولا نحو الديموقراطية. واعتبر الأسد الفيتو ضوءا اخضر لمواصلة حملته بصورة اكثر شدة. وقبل اسبوع من استخدام البلدين للفيتو قدرت الأمم المتحدة عدد القتلى بنحو 5400. وفي 28 فبراير جرى تعديل هذا العدد ليتجاوز 7500 نتيجة قصف ضار بالمدفعية والدبابات لوسط مدينة حمص وهي من معاقل المعارضة.
وفي الأسابيع الواقعة بين هذين الاحصاءين تنامت حملة الإدانة لحكومة الأسد وبينها تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ينتقد «انتهاكات حقوق الإنسان المنهجية وواسعة النطاق من جانب السلطات السورية».
جاء التصويت بموافقة 137 دولة مقابل 12 اعترضت على مشروع القرار على رأسها روسيا والصين.
وليس لقرارات الجمعية العامة قوة قانونية ملزمة خلافا لقرارات مجلس الأمن.
وجاء مزيد من الإدانة الدولية من اجتماع «اصدقاء سورية» الذي جمع معا وزراء خارجية غربيين وعربا والذين وجدت دعوتهم لإنهاء العنف والسماح بوصول المعونات الإنسانية آذانا صماء في دمشق.
ولم تحضر روسيا والصين اجتماع تونس وتعرضتا لسيل من الانتقادات اللاذعة من جانب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بسب الفيتو «الجدير بالازدراء» الذي استخدمتاه في مجلس الأمن.
والسؤال الذي يستحق نقاشا عاما قويا أكثر من اي وقت مضى هو لماذا لم تتغير تركيبة المجلس والطريقة التي يعمل بها منذ 1945.
وتصبح قضية اعادة التفكير في النظام الذي يقوم عليه المجلس أقوى في كل مرة يحبط فيها الفيتو ارادة الأغلبية.
وشكت كلينتون من ان المجلس «جرى تحييده» بسبب الفيتو بشأن سورية لكن التحييد نتيجة منطقية للسلطة التي تتقلدها الدول الخمس دائمة العضوية، وهي أميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا.
فلكل من هذه الدول الحق في تجاهل البقية والضغط من اجل مصالحها وحماية حلفائها مثلما فعلت روسيا بشأن سورية ومثلما تفعل الولايات المتحدة (اكثر دول المجلس استخداما للفيتو في العقود الأربعة الاخيرة) كثيرا لحماية اسرائيل. ولم تظهر اي من الدول الخمس حماسا لتغيير نظام الفيتو لكن ذلك لا يعني انه لن يحدث أبدا.
فالأفكار بشأن ما يجب تغييره وكيف يحدث ذلك ملقاة منذ عام 1993 في غياهب البيروقراطية «لمجموعة العمل مفتوحة العضوية لدراسة جميع اوجه قضية توسيع عضوية مجلس الأمن وقضايا اخرى متعلقة بالمجلس». ومن المرجح حدوث توسعة في قمة هيئة صنع القرار بالأمم المتحدة في المستقبل المنظور بدرجة أكبر من «أمور اخرى» وهي عبارة تتبنى الغاء الفيتو. ففي فبراير اصدرت الدول الأربع التي تضغط بقوة لتحصل على الفيتو ـ وهي ألمانيا واليابان والهند والبرازيل ـ بيانا حثت فيه على تقدم ملموس قبل سبتمبر عندما تنتهي الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
واليابان وألمانيا هما ثاني وثالث اكبر مساهم مالي في الأمم المتحدة والهند قوة نووية وثاني اكبر دول العالم سكانا والبرازيل في طريقها لتصبح قوة اقليمية كبيرة في أميركا اللاتينية. وسيكون ادخالهم خطوة كبيرة نحو مجلس أمن يعكس العالم كما هو الآن لا مثلما كان عام 1945.
ويميل المتشككون الى القول بأن توسيع مجلس الأمن سيتمخض عن عملية صنع قرار اكثر صعوبة واضاعة للوقت مما هي عليه الآن.. لكن اضافة 4 ديموقراطيات مستقرة وليبرالية لتشكيلة المجلس من المحتمل ان تتمخض ايضا عن قرارات افضل.