الجيش السوري على وشك السيطرة الكاملة على منطقة القلمون الاستراتيجية بريف دمشق الشمالي، مما يتيح له تأمين كامل حدوده مع لبنان، والطريق السريع بين العاصمة وحمص في وسط البلاد، فضلا عن قطع خطوط إمداد المعارضة إلى الغوطة الشرقية بدمشق.
واستعادت قوات النظام سيطرتها على بلدتي معلولا والصرخة، وقرية جبعدين، وتقدمت في تلال عسال الورد المحاذية للحدود اللبنانية، وسط أنباء عن تفعيل التسوية في مدينة الزبداني التي يتوقع ناشطون تنفيذ مصالحة فيها، تجنبا لقصف أحيائها.
وتكتسب معلولا التي تبادلت قوات النظام والمعارضة السيطرة عليها اربع مرات أهمية رمزية لكونها بلدة تاريخية مسيحية، وارتبط اسمها بالراهبات الـ 13 اللواتي اختطفن من دير مار تقلا، على أيدي عناصر من جبهة النصرة لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يطلق سراحهن الشهر الماضي ضمن صفقة تبادل مع 150 معتقلة في السجون السورية.
وكانت المعارضة قد سيطرت على معلولا في سبتمبر الماضي، قبل أن يخرج المسلحون منها نتيجة تسوية مع النظام، ليعود مقاتلون معارضون جلهم من الإسلاميين ويسيطروا عليها مجددا مطلع ديسمبر الماضي.
وتقع على بعد 55 كلم شمال دمشق، وتأتي السيطرة عليها بعد أسبوع من دخول قوات النظام إلى رنكوس.
ودفع المهاجمون المنسحبين نحو ما تبقى لهم من ملجأ، على أطراف جنوب غرب القلمون، من السلسلة الجبلية اللبنانية الشرقية.
ووصلت طلائع المنسحبين من ساحات المعارك القلمونية إلى الزبداني، ووادي بردى، التي بدأ الجيش السوري بالاحتشاد في مرتفعاتها الغربية.
كما توجهت الألوية الناجية من المعارك نحو عسال الورد وجرود عرسال وبلودان وحوش عرب، التي يستعد الجيش السوري وحزب الله لدخولها للاستفادة من الإرباك الذي أصاب ألويتها، ومن الديناميكية الهجومية التي حولت بعض العمليات إلى عمليات مطاردة أكثر منها عمليات قتال.
وأشارت آخر المعطيات الواردة من القلمون إلى تقدم الجيش السوري وسيطرته على المرتفعات الشرقية لبلدة الجبة المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية، وذلك بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور رحاها في كل من بلدتي عسال الورد وحوش عرب، اللتين من المتوقع أن تكون السيطرة عليهما مسألة وقت قصير، لاسيما بعد الانهيار الكبير الذي تعرضت له تحصينات المسلحين ومعنوياتهم، وفقدانهم أي أمل بأن يكون لهم موضع قدم في منطقة القلمون.
وإقفال «معركة القلمون» على هذا النحو من شأنه أن يجعل الشريط الحدودي بين سورية ولبنان، بدءا من تلكلخ عند حدود لبنان الشمالية، مرورا بجبال القلمون، ووصولا إلى أطراف القنيطرة، تحت مرمى نيران الجيش السوري، وبالتالي إخراج الحدود اللبنانية من دائرة الاهتمام والاستنزاف الدموي، بما قد يمكن الجيش السوري من الالتفات أكثر إلى حدوده مع كل من تركيا والأردن.
وكانت الحدود السورية مع لبنان من جهة القلمون تعد خاصرة رخوة للنظام السوري الذي يعتبرها «ممرا لمسلحي المعارضة وإمداداتها من السلاح»، كما يرى حزب الله، الذي أعلن مشاركته في القتال إلى جانب القوات الحكومية السورية في مايو الماضي ان هذه الحدود تشكل خطرا على مناطق نفوذه، نظرا لاستهدافها البقاع بشرق لبنان بالصواريخ والسيارات المفخخة.