رغم الدعوات الدولية لوقف استهداف المدنيين، استأنفت قوات النظام السوري أمس قصفها العنيف على الغوطة الشرقية المحاصرة، ما تسبب في مقتل نحو 300 مدني بينهم 71 طفلا وما يزيد على 42 سيدة إضافة الى 1400 جريح على الأقل منذ الأحد الماضي، فيما حذرت الأمم المتحدة من «الأثر المدمر» للتصعيد على السكان.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، ان قوات النظام التي يقودها العميد سهيل الحسن الذي يلقبه الموالون بـ «النمر»، قصفت الغوطة بنحو 2900 صاروخ وقذيفة وبرميل متفجر، متهما روسيا بالمشاركة بشكل مؤكد فيما وصفه بـ «عملية إبادة الغوطة الشرقية». وأكد تعمد طائراتها استهداف المشافي والنقاط الطبية والتجمعات المدنية.
وفيما تدين العديد من المنظمات الإنسانية الدولية التصعيد الأخير، يبدو المجتمع الدولي عاجزا عن تبني موقف موحد يضع حدا للقصف، على رغم كون المنطقة احدى مناطق خفض التوتر التي تم إقرارها بموجب اتفاق روسي - إيراني - تركي في استانا.
وتقصف قوات النظام منذ ليل الأحد بالطائرات والمدفعية والصواريخ مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ العام 2013، بالتزامن مع استقدامها تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق.
ولم تسلم مستشفيات الغوطة الشرقية من القصف، إذ نددت الأمم المتحدة باستهداف ستة مستشفيات، خرج 3 منها من الخدمة وبقي اثنان يعملان جزئيا.
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سورية بانوس مومتزيس في بيان «أفزعتني وأحزنتني جدا تقارير حول اعتداءات مرعبة ضد 6 مستشفيات في الغوطة الشرقية خلال 48 ساعة، ما خلف قتلى وجرحى».
ونتيجة للتصعيد يقول سكان الغوطة إنهم «ينتظرون دورهم في الموت» في واحدة من أعنف عمليات القصف التي تنفذها قوات النظام.
وأظهرت صور لـ «رويترز» التقطت في الغوطة الشرقية أمس رجالا يبحثون وسط الأنقاض والمباني المدمرة ويحملون أشخاصا ملطخة ثيابهم بالدماء إلى مستشفى ويتحركون بحذر في شوارع تغطيها الأنقاض.
ونقلت «رويترز» عن بلال أبو صلاح أحد سكان بلدة دوما كبرى بلدات الغوطة قوله: «ناطرين دورنا لنموت. هيدي العبارة الوحيدة اللي فيني قولها».
وأضاف: «كل الناس أو معظمها عايشة بالملاجئ. كل بيت في 5 أو 6 عيل (عائلات). ما في أكل ولا أسواق».
وزوجة أبو صلاح في الشهر الخامس من الحمل في طفلهما الأول. ويخشى الاثنان أن يتسبب فزعها من القصف في إجهاضها.
وطلبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السماح بفتح ممرات انسانية لنقل المساعدات إلى الغوطة وخاصة للمصابين في حالة خطيرة الذين يحتاجون للعلاج.
وقالت يولاندا جاكيمي المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر ردا على سؤال لـ «رويترز» في جنيف «ندعو كل من يقاتلون إلى ضبط النفس واحترام القوانين الإنسانية الدولية عند استخدام أسلحتهم. ونتوقع أن يزداد الوضع سوءا».
من جهتها، قالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في سورية ماريان غاسر في بيان: «يبدو ان القتال سيسبب المزيد من المعاناة في الأيام والأسابيع المقبلة، ويجب أن يسمح لفرقنا بدخول الغوطة الشرقية لمساعدة الجرحى»، مضيفة ان «الجرحى من الضحايا يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب».
وبحسب ما قال قائد في تحالف الميليشيات الموالية للنظام لـ «رويترز» فإن القصف يهدف إلى منع استهداف الأحياء الشرقية من دمشق بقذائف مورتر. وقد تعقبه حملة برية.
وقال القائد «حاليا تمهيد ناري.. بعد ما بلشوا هجوم. الهدف الأول منع المسلحين من الاستمرار في استهداف أحياء دمشق الشرقية». وقالت وسائل إعلام رسمية إن مقاتلي المعارضة يطلقون أيضا قذائف المورتر على أحياء في دمشق قرب الغوطة الشرقية مما أسفر عن إصابة شخصين أمس.
ومن جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش عن «قلقه العميق» من تصاعد العنف. وحض جميع الأطراف على التزام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين. ولفت الى ان ٤٠٠ الف مدني محاصر يعيشون جحيما فوق الأرض.
بدوره، نفى الكرملين ضلوع روسيا في القصف الدموي على الغوطة.
وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف للصحافيين: «انها اتهامات لا أساس لها» بعدما اتهمت الخارجية الأميركية روسيا بانها «مسؤولة» عن هذه الهجمات.